ثم أمر قوما آخرين بقتله ، فرأى كأن نارا قد أتت فاحرقتهم ، فازداد عليه غيظا ، وقال له من أين لك هذه النواميس العظام؟ أسحرة بلدي علموك هذا ، أم تعلمته بعد خروجك من عندنا؟ قال هذا من ناموس السماء ، وليس من نواميس الارض.
قال ومن صاحبه؟ قال صاحب البنية العليا ، قابل بل علمتها من بلدي ، وأمر بجمع السحرة والكهنة واصحاب النواميس فقال أخرجوا علي أرفع اعمالكم ، فإني أرى نواميس هذا الساحر رفيعة جدا ، فعرضوا عليه اعمالهم فسره ذلك ، وأحضره وقال له فقت على سحرك وعندي من يوفي عليك ، فواعدهم يوم الزينة ، وهو يوم عيد كان لهم ، على ان من غلب منهما اتبعه الآخر ، وكان جماعة من أهل البلد اتبعوا موسى صلى الله عليه وسلم ، وكانت السحرة مائة الف وأربعين الفا ، فعملوا من الاعمال ما يرى الوجوه ملونة ومشوهة ، ومنها الطويل ومنها العريض ، ومنها المقلوب جبهته إلى اسفل ولحيته إلى فوق ، ومنها ما له قرون ومنها ما هو عظيم على قدر الترس ومنها ما له آذان عظام ، ومنها ما يشبه وجوه القرود.
وفي كل فن وفي كل صورة ، وأجساما عظاما ما تبلغ السحاب ، وحيات عظيمة بأجنحة تطير إلى الهواء ، ويرجع بعضها على بعض.
وحيات يخرج من أفواهها نار يخيل للعالم انها تكاد تحرقه ، وحيات برؤس وشعور ، وأذناب فيها رؤس ، وتماثيل في طرق الشياطين.
ثم عملوا دخانا يغشى أبصار الناس ، فلا يرى بعضم بعضا ، ودخانا يظهر صورا مثل النيران في الجو ، على دواب مثل ذلك يصدم بعضها بعضا ، وتسمع لها قعاقع وضجة ، وصورا اخرى على دواب خضر ، وصورا سودا على دواب سود.
فلما رأى فرعون ذلك سر هو وجماعته ممن حضر معه ، واغتم موسى