وخرج إلى ناحية مدين ، وتزوج ابنة ثيرون ، وهو شعيب عليهما السلام ، على ان يرعى غنمه وأنسأه بأجلين فقضى أتمهما وأرسله الله إلى فرعون.
وولدت امرأته فذهب يقتبس لها نارا ، فكلمه الله تعالى في جبل الطور ، وقال له : امض إلى فرعون ، وأيده بأخيه فترك امرأته محلها ومضى لرسالة ربه.
وولدت امرأته فأرسل الله تعالى جبريل بما يصلحها من آلة الولادة وختن ابنها ، وكانت الغنم تغدو من عندها وترجع إليها بغير راع.
وحمل جبريل عليه السلام الغلام حتى أراه موسى وهو سائر إلى مصر فقبله ، وتفل في فيه ورده إلى امه ، ومر بها رجل من آل شعيب فردها إلى مدين ، وصار موسى إلى مصر ولقي اخاه هارون ولم يثبته لطول غيبته ، وكان يغتسل على شاطئ النيل ، فاستضافه فأضافه وأطعمه جلبانا مطبوخا قد ثرد فيه ثريد ، وتعارفا وسر بعضهما ببعض وعرفه ان الله عزوجل أرسله ونبأه هو وأخوه ، وجعله له عضدا.
وغدوا إلى فرعون وأقاما اياما ، وعلى كل واحد منهما جبة صوف ، ومعه عصاه التي أخذها من شعيب عليهما السلام ومنها كانت احدى آياته ، فكانا يأتيان في كل يوم ويجلسان ببابه فلا يصلان إلى فرعون لشدة حجابه ، إلى ان دخل إليه مضحك كان له فعرفه حالهما ، وقال بالباب رجلان يطلبان الاذن عليك ، ويزعمان أن إلههما أرسلهما اليك ، فأمر بادخالهما وخاطبه موسى وأراه آية العصا ، وآيته في بياض اليد ، وهما آيتان من تسع ، وكان من خطابه إياه ما قصه الله في كنابه.
فغاظ فرعون أمره وهم بقتله ، فمنعه الله تعالى منه وشغله عنه ، ورأى طلما فرعون كأن على صورة غمامة قد اقبلت ، فمسحت على عيونهم فعموا.