أول من بنى الاهرام
كان سوريد بن فيلمون (١) ، وكان ملكا على مصر قبل الطوفان بثلاثمائة (٢) سنة فرأي في منامه كأن الارض قد انقلبت بأهلها ، وكأن الناس يهربون على وجوههم وكأن الكواكب تتساقط ، ويصدم بعضها بعضا بأصوات هائلة مفزعة فرجف قلبه وأزعجه ذلك وأرعبه ولم يذكره لاحد ، وعلم أنه سيحدث في العالم أمر عظيم.
ثم رأى بعد ذلك ، كأن الكواكب الثابتة نزلت إلى الارض في صورة طيور بيض كأنها تخطف الناس ، وتلقيهم بين جبلين عظيمين ، وكأن الجبلين قد انطبقا عليهم ، وكأن الكواكب النيرة مظلمة كاسفة ، فانتبه أيضا مذعورا فزعا.
فدخل إلى هيكل الشمس ، وجعل يتضرع فيه ويمرغ خديه في التراب ، ويبكي ، فلما أصبح أمر رؤساء الكهنة من جميع أعمال مصر ، وكانوا مائة وثلاثين ، فخلا بهم وحكى لهم جميع ما رآه فأعظموه وأكبروه وتأولوه على أمر عظيم يحدث في العالم.
فقال فيلمون عظيم الكهان ، وكان فيلمون إذ ذاك كبيرهم ، وكان لا يبرح من حضرة الملك لانه رأس الكهنة كهنة أشمون ، وهي مدينة مصر الاولى ، قال إن في رؤيا الملك عجبا ، وأمرا كبيرا ، وأحلام أهل الملك لا تجري على محال ولا كذب لعظم أقدارهم ، وكبير أخطارهم ، وأنا اخبر الملك برؤيا رأيتها منذ سنة لم أذكرها لاحد من الناس.
__________________
(١) في ت : سورند بن شهلوق.
(٢) في ت : بألف وثلاثمائة.