فلما تكامل لهم ما يريدونه من قطع الحجارة ونحتها أعدوا من العدد ، وخطوا موضع المدينة وجعلوه فرسخين في مثلهما ، وحفروا في وسطها بئرا ، وجعلوا في تلك البئر تمثالا من نحاس صورة خنزير ونحاسة بأخلاط ، وجعلوا وجهه إلى الشرق.
وكان ذلك بطالع زحل واستقامته وسلامته من المتضادين له وهو في شرفه.
وأخذوا خنزيرا فذبحوه له ولطخوا وجهه بدمه وبخروه بشعره ، وأخذوا شيئا من شعره وعظامه ولحمه ودمه ومرارته ، فجعلوا ذلك في جوف خنزير من النحاس ونقشوا عليه آيات زحل.
ثم شقوا في البئر أخدودا من أربعة أوجه المدينة ، وجعلوا فيها شوارع يتصل كل شارع فيها بباب من أبواب المدينة ، ووصلوا ما بينها بالمنازل الحسنة والطرقات ، وجعلوا حول القبة تماثيل من نحاس بأيديهم حراب ، ووجوهها مقابلة لتلك الابواب.
وجعلوا أساس المدينة من حجر أسود ، وفوقة حجر أحمر ، وفوقه حجر أخضر ، وفوقه حجر أصفر ، وفوق الكل ابيض شفاف ، مثقبة كلها بالرصاص المصبوب بينها ، وفي قلوبها أعمدة الحديد على صفة بناء الاهرام.
وجعل طول حصنها ستين ذراعا ونصف ذراع ، وعلى كل باب من أبوابها على أعلى الحصن تمثال عقاب كبير من صفر وأخلاط ، أجوف ناشر الجناحين ، وعلى كل من أركان المدينة صورة فارس بيده حربة ووجهه إلى خارج المدينة ، وساق الماء إلى ناحية الباب الشرقي ينحدر في صبيب إلى الباب البحري ، ويخرج إلى بطائح هناك ، وكذلك من الباب الجنوبي إلى الشمالي.
وقرب لتلك العقبان عقبانا ذكرا ولطخها بدمها ، واجتلب الرياح إلى أبواب التماثيل فكانت الرياح إذا دخلتها يسمع لها أصواب شديدة ، لا يسمعها أحد إلا هالته ، وضمدها بعقارب مطلسمة تمنع الناس من دخولها إلا أن يكون مع الغريب الداخل إليها أحد من أهلها ، ونصب العقاب الذي يتعبد