واحتجّ في «المختلف» للأكثر : بأنّه ابيح له الزكاة ، فلا يتقدّر بقدر ، للأخبار الدالّة على أنّ الزكاة لا تتقدّر بقدر ، وأنّه يجوز أن يعطى الفقير ما يغنيه ، وضعفه ظاهر كما مرّ التحقيق في حكم من يقصر محصوله عن مئونة سنته ، بل في المقام أشدّ بعدا.
والظاهر من الأصحاب منع الهاشمي عن خصوص المفروضة ، وأمّا المندوبة فظاهرهم عدم الخلاف في تجويز أخذها لهم ، بل في «المنتهى» نسبه إلى علمائنا وأكثر أهل العلم ، واستدلّ على ذلك بما دلّ على أنّ الحرام هي الزكاة المفروضة (١).
وفيه ـ مضافا إلى ضعف السند ؛ ـ الاقتصار على خصوص الزكاة المفروضة ، وعند الفقهاء أعمّ منها ، وهو كلّ ما هو فرض.
نعم ؛ يدلّ على ما قالوا صحيحة صفوان بن يحيى ، عن جعفر بن إبراهيم الهاشمي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إنّما تلك الصدقة الواجبة على الناس لا تحلّ لنا ، فأمّا غير ذلك فليس به بأس ، ولو كان كذلك ما استطاعوا أن يخرجوا إلى مكّة ، هذه المياه عامّتها صدقة» (٢).
إلّا أنّه يظهر من الحديث المشهور المسلّم في حكاية بريرة المنع من المندوبة أيضا ، إذ فيه أنّه تصدّق على بريرة بلحم فأهدته إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فعلّقته عائشة ، وقالت : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يأكل الصدقة ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واللحم معلّق ، فقال : ما شأن هذا اللحم لم يطبخ؟ فقالت : يا رسول الله! صدّق به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة ، فقال : هو لها صدقة ولنا هديّة ، ثمّ أمر بطبخه (٣).
__________________
(١) منتهى المطلب : ١ / ٥٢٥ ط. ق.
(٢) تهذيب الأحكام : ٤ / ٦٢ الحديث ١٦٦ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٧٢ الحديث ١٢٠٠٢.
(٣) الكافي : ٥ / ٤٨٥ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٢١ / ١٦١ الحديث ٢٦٧٩٠.