وعن الشهيد الثاني : ويجب تقييد المصالح بما لا يكون فيه معونة لغني مطلق ، بحيث لا يدخل في شيء من الأصناف الباقية ، فيشترط في الحاج والزائر الفقر ، أو كونه ابن سبيل ، أو ضيفا ، والفرق بينهما وبين الفقير أنّ الفقير لا يعطى الزكاة ليحجّ بها من جهة كونه فقيرا ، ويعطى لكونه في سبيل الله (١).
أقول : صحيحة علي بن يقطين (٢) ، ربّما كانت ظاهرة في عدم الاشتراط ، لأنّ المعصوم عليهالسلام لم يستفصل فيه أنّ ما ذكر هل يكون من باب الإعطاء لكونه فقيرا ، أو يكون ذلك من سبيل الله؟
وعلى الثاني : هل الأقارب والموالي فقراء أم لا؟ إلّا أن يقال هذا التعميم ربّما يقيّد اشتراط الفقر ، إذ المعنى أنّ ما فعلت صحيح مطلقا ، أي سواء كان من باب إعانة الفقير ، والفقراء من باب سبيل الله ، فلا جرم لا بدّ من الفقر ، لاشتراطه في الأوّل قطعا ، إلّا أن يقال : لمّا كان التقسيط غير لازم فلا حاجة إلى الاستفصال ، لأنّ الأقارب والموالي إن كانوا فقراء يصحّ ذلك مطلقا ، وإن كانوا أغنياء ، فلا بدّ من حمل سبيل الله ، إلّا أن يقال : لمّا كان إعطاء الفقير لخصوص أن يحجّ ، ممنوعا ـ كما ستعرف ـ يكون هذا قرينة على كون الموالي والأقارب غير فقراء ، ويكون هذا من جهة كونه في سبيل الله كما فهمه المصنّف وموافقوه.
لكن غير خفيّ ؛ أنّ علي بن يقطين من جهة كثرة أمواله ، وكمال سخاوته ما كان يشترط على أقاربه ومواليه خصوص الحجّ ، مع عدم رفع حاجتهم في سنتهم ، إذ هذا ممّا يقطع بعدمه ، لأنّه كان يرفع حاجة المؤمنين من الفقراء في زمانه بلا خفاء على كلّ من كان مطّلعا على حاله ، أو اطّلع عليه من غيره ، فكيف يبقي مواليه
__________________
(١) مسالك الأفهام : ١ / ٤٢٠.
(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٩٠ الحديث ١٢٠٤٥.