كثيرا من الناس طباعهم في غاية الميل إلى المسامحة والمساهلة في أمثال ما ذكر ، فيشكل الحكم بالاكتفاء بالأصل ، والظاهر بعنوان الإطلاق الشامل لجميع المكلّفين.
حتّى أنّا نشاهد بعضا من الناس يدّعون اليقين من أدنى الفحوى ومثله ، ويجزم جزما ، أنّهم مخطئون من ميل طباعهم يدّعون ما يدّعون ، بل نشاهد بالعيان كثيرا من النفوس في غاية المسامحة وكمال المساهلة لا يبالون ، فيفسدون ويعطون غير المستحقّ ، ويحرمون المستحقّ ، ويعطون لأغراض فاسدة ، فكيف يكل الله تعالى إلى كلّ شخص كلّما رأى واشتهى ، وبأيّ ميل وترجيح اكتفى؟ سيّما وأن يكون معذورا ، بل ممتثلا بعد ظهور غلطه ، مع التهديدات في حقّ المؤمن ، أيّ حقّ يكون ، وفي عدم رفع حاجتهم سيّما إذا كان المحتاج منهم كثيرا ، وجعل الله حاجتهم بهذه الزكاة ، سيّما يراهم في غاية الحاجة مع كمال غناه ، والله يعلم.
قوله : (ومنهم). إلى آخره.
الأمر كما ذكره بحسب الظاهر ، إذ الفقهاء متّفقون في أنّ المدين يجب عليه أداء ديونه بكلّ ما يملك ، سوى قوت يومه وليلته ، ولباسه ، والدار ، والخادم ، ونحوهما ، لأنّ لازم ذلك أن يعطي مئونة سنته سوى قوت يومه.
لكن معلوم أنّه تعالى لا يرضى أن يذلّ المؤمن نفسه ويجعلها فقيرة ، فلذا جعل له هذا السهم ، فهو فقير واقعا ، وهو المرعيّ في المقام ، كما هو ظاهر.
قوله : (واشترط). إلى آخره.
الأصحاب فسّروا الغارمين في المقام بأنّهم المدينون في غير معصية ، ادّعى في «المنتهى» إجماع المسلمين على جواز دفع سهم الغارمين إلى من هذا شأنه (١).
__________________
(١) منتهى المطلب : ١ / ٥٢١ ط. ق.