مع أنّه لو تمسّكوا بالاستصحاب هنا يلزم منه في جميع التكاليف ، أنّ المكلّف بمجرّد غفلة ، أو عدم تفطّن يخرج من عهدة ذلك ، لأنّه حال الغفلة وعدم الفطنة لم يكن مكلّفا ، لكونه تكليفا بما لا يطاق ، وكذا بعده تمسّكا بالاستصحاب.
فيلزم من ذلك أنّ مجرّد عدم التفطّن [كاف] في أن يوجب الخروج عن عهدة التكليف وتحقّق الامتثال به.
ولا شكّ في فساده ، ومخالفته للقواعد المسلّمة ، وكذلك الحال في مثل الصلاة المذكورة ، لبداهة عدم الخروج عن العهدة ، وعدم الامتثال عرفا كما لا يخفى.
والله تعالى قرن الزكاة بالصلاة ، سيّما مع كونها حقّ الناس ، وورد فيها ما ورد ، مضافا إلى ما عرفت من مرسلة ابن [أبي] عمير (١).
وأقوى منها سندا ودلالة ؛ صحيحة الوليد بن صبيح ، عن الصادق عليهالسلام ، في حكاية شهاب (٢) ، إذ هي في غاية مرتبة من الصحّة والدلالة أيضا ، لأنّها في غاية الظهور في أنّ وضع الزكاة في غير موضعها هو عدم إعطاء الزكاة ، فلا بدّ من الإعطاء ، أي الوضع في الموضع ، كما هو الظاهر منها.
ومعلوم منها أنّ ذلك نشأ من عدم مراعاة موضوع الحكم لا نفس الحكم ، لأنّ شهابا إن كان عارفا بالحكم ، من أنّه لا يجوز أن يعطى غير من هو مؤمن فقير ، ومع ذلك كان يعطيها لذلك الغير ، فكيف يقول للمعصوم عليهالسلام : إنّي اعطي الزكاة؟
ومع ذلك أراد من المعصوم عليهالسلام علاج فزعه من النّوم ، وعلم أنّه عليهالسلام قال :
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٥٤٥ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ٥١ الحديث ١٣٢ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢١٥ الحديث ١١٨٦٩.
(٢) تهذيب الأحكام : ٤ / ٥٢ الحديث ١٣٦ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢١٧ الحديث ١١٨٧٣.