ولو كان خارجا ، فمقتضى الأخبار المتواترة كون مال الفقراء يصرف في سبيل الله ، وسيجيء تمام التحقيق فيه.
وفي «الذخيرة» بعد نقل عباراتهم ، وادّعاء ظهور اتّفاقهم ، قال : لم أعرف على ذلك ـ أي اعتبار الفقر في الغارم لمصلحة نفسه ـ دليلا واضحا (١) ، انتهى.
أقول : قد عرفت من الأخبار أنّ الزكاة حقّ الفقراء دون الأغنياء ، مثل قولهم عليهمالسلام : «لا تحلّ الزكاة لغنيّ» (٢) ، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم ، وقولهم عليهمالسلام : «إنّ الله جعل من كلّ ألف انسان خمسة وعشرين فقيرا» (٣).
وعلى وفق ذلك جعل الزكاة ، وأنّه لم يجعل ذلك إلّا قوتا لهم يتعيّشون به ، وأنّهم إنّما اوتوا من منع من منعهم حقوقهم ، إلى غير ذلك ممّا هو ظاهر.
فإذا كان الأغنياء مع كونهم ألفا إلّا خمسة وعشرون ، وكونهم أغنياء ، عليهم أن يعطوا الفقراء ما يعيشون ، كيف يأخذون القدر القليل الذي لم يجعل إلّا لتعيّش الفقراء ، فعوض أن يعطوهم هذا القليل مع حاجتهم إليه ، وربّما اشتدّت الحاجة.
مع أنّهم أغنياء ، وفي غاية الكثرة أضعافهم أضعافا مضاعفة يستندون بأخذ ما هو حقّ المحتاجين المساكين ، يأخذون ذلك تارة باسم الغارمين ، ويقولون : إنّا أيضا مديونون ، مع كوننا الآن من المديونين ، وتارة بمجرّد أصالة عدم الغنى ، وتارة بدعوى الفقر ، بأنّ الأصل صحّة دعواهم ، وأمثال ذلك من الظنون.
فإذا لم يظهر الخطأ فلا شبهة في محروميّة هؤلاء المساكين ، وإذا ظهر الخطأ
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٤٥٦.
(٢) تهذيب الأحكام : ٤ / ٥١ الحديث ١٣٠ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٣٩ الحديث ١١٩٢٦ مع إختلاف.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٥ الحديث ٩ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٤٧ الحديث ١١٧١٤ مع اختلاف يسير.