الضبط والكنز ونحوه ، فلا يتوقّف على وجود مدّع للفقر ، إذ ربّما لا يدّعيه فقير ، بل وربّما يأبى عن الأخذ بأن يستحيي كما عرفت ، فإذا ظهر الفقر يجب أن يعطي.
والظاهر أنّه لا يجوز الإمساك حتّى يحصل اليقين بالفقر ، إذ ربّما لا يحصل.
وشغل الذمّة اليقيني وإن كان يستدعي البراءة اليقينيّة ، إلّا أنّها تحصل بالأدلّة الشرعيّة.
منها : أصالة الصحّة في أفعال المسلم ، الثابتة من ظواهر الأخبار والاستقراء.
ومنها : تتبّع تضاعيف ظواهر الأخبار ، إذ لو كان العلم شرطا لاقتضى ظهوره في خبر من الأخبار الواردة في مباحث الزكاة والفطرة وإعطاء الصدقات الاخر ، من قبيل حقّ الحصاد ، والحقّ المعلوم وغيرهما ، مع أنّه ربّما كانت مقامات تقتضي التعرّض لتلك لو كان كذلك.
بل ربّما يظهر خلاف ذلك من الاكتفاء بالظاهر ، وكون الأصل الصحّة ونحوه.
ومنها : أنّه عام البلوى ، متوفّر الدواعي ، شديدة الحاجة إليه ، غاية العموم والتوفير والشدّة ، ولو لم يجز الإعطاء إلّا بالتعيين ، أو بعد الإثبات بالمثبتات الشرعيّة ، لشاع وذاع ، واشتهر اشتهار الشمس ، سيّما بملاحظة أنّ المال عزيز غاية العزّة عادة يشقّ إعطاؤه ، فمع ذلك كيف يسامح في الإعطاء ، ويعطى مع بقاء شغل الذمّة على حاله ، سيّما من كان متديّنا.
ومع ذلك ترى أنّ المدار في الأعصار والأمصار كان على الظنّ والظاهر ، وأصالة الصحّة فتوى من الفقهاء ، وعملا منهم ومن مقلّديهم ، وغيرهم من المسلمين.
هذا مع اليقين بأنّ الزكاة لم تشرع إلّا قوتا للفقراء ورفعا لحاجتهم ، فلو