الآخذ لم يأخذ إلّا الزكاة ، والمعطي أقدم عليه ، سيّما وفي الغالب يتلافى الآخذ المذكور بردّ شيء عوضا وتداركا لإحسانه ، كما هو المتعارف في أنّهم يردّون ، أو يقعون في همّ الردّ وغصّته وخجالته ، مع أنّه ليس ممّا أفتى به الأصحاب ، وظهر من الخبر.
بل في الرواية (١) منع عن ذلك ، فتحمل هاتان الروايتان على أنّ الآخذ لا يستحيي إلّا عن التصريح بكونه زكاة وإظهار ذلك ، ويرضى بالسكوت عنه إن احتمل كونه زكاة.
بل وظهر ذلك بملاحظة عدم المتعارف بالمبادرة بإعطاء خصوص النقدين هديّة إلى المحتاج إليهما ، مع عدم كون مثل هذا الإهداء عادة المهدي ، كما هو الغالب من عدم هذه الهمّة الغالبة لمثل التاجر ، وغيره ممّن يعطي الزكاة ، وخصوصا مع العلم بأنّه يعطي الزكاة وأنّه أعطى.
وبالجملة ؛ بملاحظة ما ذكر من أمثاله يترجّح عنده كونه زكاة ، فلا يقع في التلافي.
ومنه يظهر جمع آخر أقرب بين الأخبار ، بل لعلّه متعيّن بحمل المذكور في السابقة على من لا يرضى بالسكوت أيضا ، ويستنكف عن مظنّة الزكاة ، بل واحتماله أيضا ، إلّا أن يصرّح بأنّه ليس بزكاة أو يظهر ، وقد عرفت ما فيه من المفاسد ، ولذا منع عليهالسلام ما منع ، وقال ما قال ، فتدبّر!
قوله : (ويصدق). إلى آخره.
أقول : من بديهيّات الدين وجوب إعطاء الزكاة كوجوب الصلاة ، وأنّه لا يجوز
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٣١٥ الحديث ١٢١٠٨.