لأنّهم لا يدعون على الأشجار إلى هذا الحدّ بلا شبهة ، بل يجذون ويصرمون قبل الوصول إليه ، لأنّ الرطب لا يصير تمرا دفعة ، بل على سبيل التدريج الممتدّ بمدّة مديدة ، فإنّ أصناف الأشجار في غاية الاختلاف ، حتّى أنّه ربّما يصير ويبلغ التفاوت ستّة أشهر تقريبا ، كما رأيناه في بعض البلاد ، وأمّا المتعارف فربّما يبلغ أزيد من شهرين أو شهر وما قاربهما.
مع أنّ الصنف الواحد ربّما يتفاوت أشخاصه وأفراده ، بل الشخص الواحد ربّما تتفاوت العناقيد منه ، بل العذق الواحد ربّما يتفاوت أبعاضه ، بأنّ الطرف الخارج يصير تمرا دون الداخل ، أو طرف الجنوب دون الشمال ، وقس على هذا سائر أسباب الجفاف ، بل آحاد الأفراد ، وربّما يتفاوت بأن صار بعضه تمرا دون بعض.
مع أنّ مراتب اليبوسة والرطوبة مقولة بالتشكيك الشديد ، فربّما لم يظهر بعد أنّه دخل في حدّ التمر على سبيل الحقيقة ، بحيث لم يرتفع الاشتباه بالرجوع إلى العرف ، فيظهر شركة الفقراء ، ولم يدخل فيظهر عدمها ، واستبداد صاحب المال في الملكيّة.
فإذا ترك الثمار على الأشجار إلى أن يصير الجميع تمرا حقيقيّا ، يخرب ويفسد كثير منها ، إذ بعد بلوغ التمريّة وحصول الجفاف ، لو تركت على الأشجار ربّما تنتشر من هبوب الرياح ، سيّما الشديدة منها ، فيخرب أو تتغيّر من حال إلى حال أردأ منه ، أو يصعب جمعه أو كبسه.
وربّما تأكله الطيور ، أو غيرها من الحيوانات ، وربّما يرد عليها آفات اخر ، كما لا يخفى على المطّلع ، على أنّه بعد البلوغ على الحدّ المذكور يبادر بالصرم والجذ ، وعلى تقدير عدم المبادرة لا شبهة في كون الجذاذ في غاية القرب ، ولا يبقى مدّة معتدّ