كان أتباعهم ينشئون
على أشدّ التعصّب وأغلظه ...» .
بينما اعتبر البعض فرقة قلعة الموت
ظاهرة إصلاح في الحركة الإسماعيليّة ، ووجد كوربان في الحسن بن الصباح شخصيّة
قويّة شوّهتها النصوص المختلفة. ورأى أنّ هذا الرجل لعب دورا عظيما في تنظيم الفرق
الإسماعيليّة في إيران .
انتقد الغزالي هذه الفرق وطرقها بشدّة ،
حتّى صنّفه البعض بحجّة الإسلام المدافع عن السنّة ، وأحد دعاة الحكم السياسيّ
السلجوقيّ ومفكّريه وأنصاره. وكانت السنّة قبل الخلافة الفاطميّة مذهب الحكّام
السياسيّين تقريبا ، وانحاز إليها الأتراك لما تمثّل من معتقد واضح ورصين «يتلاءم وعقولهم
البسيطة ، فأقبلوا عليها واعتنقوها» .
أثّر في الغزالي أيضا تيّار الفلاسفة والمتكلّمين.
فآراء ابن سينا كانت تموج في فارس وفي أرجاء الإمبراطوريّة الإسلاميّة قاطبة ، يتداولها
المثقّفون والمفكّرون. ونجد أنّ الفرق بين وفاة ابن سينا ومولد الإمام لا يتجاوز
عشرين عاما. وقد شكّل ابن سينا ، والفارابي قبله ، تيّارا فلسفيّا قويّا تبنّى
الأرسطويّة الممزوجة بالأفلاطونيّة المحدثة ، وأطلق عليه تيّار المشّائيّة
الإسلاميّة. واكتمل في عصر الغزالي التيّار الكلاميّ بعد أن ظهرت معظم آراء
المعتزلة وشروحهم وحجاجهم الجدليّ. وللمعتزلة مذهب في الحريّة العقليّة وفي قدرة
العبد على الفعل. وقد هيّأ الموقف الكلاميّ لتلقّي الآراء والأفكار الدخيلة على
الإسلام ، بعد أن أقرّ باستقلاليّة العقل ، وسار خطوات في تخليص التفكير من
التباسه الدغماطيّ ، وتسليمه الإيمانيّ المطلق. فخلق هذا روحا نقديّة ونظرا
متجدّدا ، كان لهما الأثر القويّ في
__________________