يظن أنه عرف اللّه وملائكته وأحاط بعلم الأولين والآخرين ، وما عرف نفسه ، ولكنه كان عبدا فأمر بأمر فاتّبع الأمر ، فعلى كل مؤمن به ومصدّق له أن يتبعه ويسكت عما سكت عنه عرفه أو لم يعرفه. ولا يبعد أن يكون في أمته من الأولياء والعلماء من كشف له سر هذا الأمر وليس في الشرع برهان على استحالة ذلك ، فإن قلت فما الصحيح من العبارات في حد الحياة التي هي عرض. قلنا : أما عند من لا يثبت إلا العرض فأقرب لفظ في تفهيمها أنها الصفة التي بها يتهيأ المحل لقبول الحس والحركة. وأما على مذهب من يثبت النفس والروح فقد يثبتون الحياة أيضا عرضا فيوافقون في الحد ، وقد يقولون ليس للحياة معنى سوى كون البدن ذا روح ونفس ، فإنه يستعد لقبول القدرة والعلم من حيث أنه ذو روح ونفس فقط لا من حيث صفة أخرى ، وكونه كذلك لا يزيد على ثبوت النسبة بينه وبين الروح والنفس. كما أن كون الإنسان متنعلا لا يزيد على كونه ذا فعل ووجود رجل ، وانطباق النعل على الرجل. وكما أن كون العالم عالما عند من ينكر المعلول والعلة وهو الحق ليس إلا وجود علم في ذات فهذا قدر ما يمكن أن يذكر من أمر الحياة علامة على الحد كمن يبتغي جملا مسوقا على علامة باقية من أثر خفه.
الامتحان السابع : قد استدعيت كلاما في حد الحركة والخائضون فيه ضبطهم كثير ، فقيل إنه الذي لمحله به اسم المتحرك ، وقيل إنه الذي تكون الذات به متحركة ، وقيل إنه الخروج عن المكان وقد فهمت ما في هذا النمط من فائدة أو غائلة ، فإن أردت الحقيقة فعليك بالمنهج الذي ذلّلته لك فلم أكرّره بالامتحان مرة بعد أخرى إلا لتألف هذا المسلك البعيد وهو أن تحصل الألفاظ المشهورة وتضعها في جانب من ذهنك ، وهاهنا ثلاثة : الكون والحركة والسكون ، وتنظر في المعاني المعقولة التي تدل هذه العبارات عليها من غير التفات إلى الألفاظ ، فتقول هذا المنظور فيه من فن الأعراض ، ونحن نعلم أن العرض ينقسم إلى ما يعبّر عنه بأنه اختصاص