البيئة الثقافية والفكرية
تعتبر فترة القرن السادس الهجري من فترات التوتر والاضطراب الفكريين اللذين ترافقا مع الصراع السياسي والعقائدي والمذهبي السائد في المجتمع الإسلامي على امتداد إماراته والولايات.
فلا عجب أن تطغى العلوم الدينية بحجاجها وأئمة مذاهبها وآرائهم على العلوم الأخرى ومنها الفلسفة والعلوم العقلية. لكن ذلك لم يحل دون ظهور حكماء وأطباء من الدرجة الثانية ، ولم يمنع التوجه العقلي عامة من متابعة سيره.
ولقد تبنّى السلاجقة المذهب السني في العقائد وكرّس نظام الملك التيار الشافعي الذي ساد على التيارين الحنفي والحنبلي نسبيا. أما المذهب الشيعي فكان مذهب الدولة الفاطمية إلى جانب جماعات عدة انتشرت في العراق وممالك السلاجقة في كرمان وأصفهان وخراسان وسجستان وأذربيجان ، ولا سيما المجموعة الإسماعيلية.
وقد دفعت تنظيمات الإسماعيلية وآرائهم علماء أهل السنة للتشدّد في موقفهم ، ولا سيما من قطن منهم خراسان ، فنادوا بتكفير هذه الفرق بأدلة من الأحاديث الشريفة.
ولقد كثر فقهاء السنة في تلك الفترة وراجت شروحهم وتفسيراتهم