مع أنّها على تقدير كونها بيانا ، ففي غاية الوضوح في عدم كون ما وقع فيه الحدث صلاة شرعيّة ، فضلا أن يقع فيها الوضوء وأخواه.
وممّا ينادي بما ذكرناه ، أنّه لو أحدث محدث جهلا بالمسألة ، تصير صلاته باطلة بالوفاق عن الخصم أيضا ، ولذا قال بالصحّة في صورة السهو خاصّة.
مع أنّ الجهل عذر شرعي ، كما يظهر من الأخبار ، واعتقد به المورد وشركاؤه ، وإن كان هذا أيضا ليس بعذر مصحّح للفعل ، كما هو المشهور والمعروف من فقهائنا ، وبيّناه في موضعه (١) ، ومرّ في هذا الكتاب (٢) ، وسيجيء أيضا.
وبالجملة ، لو لا ما توهّمه الموردون من وجود الصحاح الدالّة على عدم البطلان في صورة السهو لما صدر منهم الإيراد المزبور ، ولما خالفوا الأصحاب ، لكن ستعرف أنّه محض التوهّم.
وممّا ذكر ظهر فساد الإيراد الثاني أيضا ، مضافا إلى أنّ الإجماع عندنا ليس وفاق الكلّ ، لعدم ضرر خروج معلوم النسب ، وإن كان مائة وأزيد ، كما صرّح المحقّق ، وغيره من المحقّقين (٣).
وأمّا العامّة فإجماعهم وإن كان وفاق الكلّ ، إلّا أنّ مرادهم كلّ أهل عصر واحد لا مجموع الأعصار ، لأنّ الإجماع عندهم حجّة في دار الدنيا لا دار الآخرة.
فالقول بأنّه لما كان محلّ النزاع يمنع الإجماع ، فيه ما فيه.
ومعلوم أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد حجّة كخبر الواحد ، من دون تفاوت أصلا بحسب الدليل والمانع.
__________________
(١) الفوائد الحائرية : ٤١٥ ـ ٤٢٩.
(٢) راجع! الصفحة : ١٨٠ ـ ١٨٢ (المجلّد الثاني) من هذا الكتاب.
(٣) المعتبر : ١ / ٣١ ، لاحظ! معالم الدين في الاصول : ١٧٣.