والأكثر اعتبروها كما ستعرف ، وخلوّها عن اعتبار تقديم ما قدّمه المأمومون مطلقا ، وكذا غيره ممّا اعتبره الكلّ ومن المسلّمات عند المستدلّين بها. إلى غير ذلك ، مثل خلوّها عن اشتراط التشاحّ وغيره ، فتأمّل جدّا!
مع أنّه ربّما كانت المصلحة في زمان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم تقديم الأقرأ ، وكذا في نقل الصادق عليهالسلام ذلك عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في زمانه ، مع أنّه ربّما كان منشأ تقديم الأقرأ في زمانهما عليهماالسلام غلبة وجود الأقرأ وندرة وجود الأعلم ، بحيث يعرف أنّه أفقه في الدين ، ويسلّم في جنب وجود الأقرأ ، فتأمّل!
وكيف كان ، تقديم الأفقه الأعلم بالنظر إلى الأدلّة أقوى.
ثمّ اعلم! أنّ المراد من الأقرأ الذي قراءته من القرآن أكثر ، وكان أكثر حفظا ومعرفة من الحفظ ، كما كان المتعارف في زمان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ الناس كان هكذا حالهم ، وظهر ممّا نقلنا عن ابن مسعود (١) ، واختاره في «المنتهى» (٢).
ويدلّ عليه ما رواه الشيخ عن ابن مسلم ـ في الصحيح ـ عن أحدهما عليهماالسلام : «أنّ العبد يؤمّ القوم إذا رضوا به ، وكان أكثرهم قرآنا» (٣).
وما رواه الصدوق عنهم عليهمالسلام : «إنّ الأعمى يؤمّ القوم إذا رضوا به وكان أكثرهم قراءة وأفقههم» (٤).
لكن في «التذكرة» اختار كون المراد منه الأجود قراءة ، بعد أن قال : يرجّح بكثرة القرآن ، فإن تساويا في قدر ما يحفظ كلّ منهما وكان أحدهما أجود قراءة
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٤٠٠ من هذا الكتاب.
(٢) منتهى المطلب : ٦ / ٢٣٩.
(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩ الحديث ٩٩ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٣ الحديث ١٦٢٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٦ الحديث ١٠٧٩٩.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٨ الحديث ١١٠٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٨ الحديث ١٠٨٤٠.