المعصية والفجور؟!
إذا عرفت استحالة الجمع بينهما ، وكون ذلك مذهب الشيعة قاطبة حتّى المستدلّين ، بل هم الرؤساء في ذلك ، والمؤسّسون لذلك ، والمبالغون فيه ، وفي الإنكار على منكريه.
وبعد تسليم عدم الاستحالة وكون الحقّ مع الأشاعرة ـ العياذ بالله من تجويز ذلك ـ نقول : الغالب من العصاة والبغاة والطغاة أنّهم لا ينوون سوى العصيان ، ولا يريدون بعصيانهم طاعة الرحمن ، ولا يكون الداعي إلى هذا العصيان إطاعتهم للرحمن ، وعصيانهم له جميعا ومعا ، كما صحّحه الأشاعرة.
وعلى فرض أن لا يكون الغالب بالأشياء فيهم ذلك يتأتّى منهم ذلك بلا شبهة ، ويجوز بلا ريبة.
فكيف لم يستفصل المعصوم عليهالسلام في مقام الجواب ، ويحكم بصحّة ركوعهم الذي وقع منهم عصيانا جزما من دون أن يسأل منه أنّه هل ضممت بقصد عصيانك ذلك قصد إطاعتك أيضا ، وهل كان الداعي على الصدور مجموع القصدين ، أو كلّ واحد منهما جميعا ومعا؟
مع أنّ الذي بنى أمره على العصيان ، وعدم إطاعة المعصوم عليهالسلام كيف يسأل المعصوم عليهالسلام عن صحّة عصيانه حتّى يطيعه حين عصيانه؟!
وكيف يصحّح المعصوم عليهالسلام فعله مطلقا ، من دون إنكار عليه أصلا ولا إظهار بأنّك إذ كنت تعصيني ولا تطيعني فلم تجيء تسألني عن صحّة عصيانك ، فكيف تطيعني في هذا ولا تطيعني في ذاك؟
والبناء على أنّ المراد إذا عصيتك وندمت فورا وتبت حينئذ هل أعود إلى الركوع وأرفع رأسي مع الإمام أم لا؟ لا يخفى شدّة مخالفته للظاهر.