(وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي وزدناهم على ما سلف فواكه ولحوما من أنواع شتى مما يستطاب ويشتهى ، وإن لم يقترحوا ولم يطلبوا.
وذكر الفاكهة واللحم دون أنواع الطعام الأخرى ، لأنهما طعام المترفين فى الدنيا.
وبعد أن ذكر طعامهم أردفه ذكر شرابهم وسرورهم لدى احتسائهم له فقال :
(يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) أي يتجاذبون الكؤوس فى الجنة هم وجلساؤهم تجاذب ملاعبة كما يفعل الندامى فيما بينهم لشدة سرورهم كما قال الأخطل :
نازعته طيّب الرّاح الشّمول وقد |
|
صاح الدجاج وحانت وقعة الساري |
وليس فى الشراب فى الآخرة ما فيه فى الدنيا من اللغو بسبب زوال العقل ، ومن الفحش فى القول ، كما يتكلم به الشّرب فيها ، وقد أخبر سبحانه فى موضع آخر عن حسن منظرها ، وطيب مطعمها فقال «بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ، لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ» وقال : «لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ».
ثم ذكر مالهم من خدم وحشم فى الجنة فقال :
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) أي يطوف عليهم بالكؤوس مماليك لهم ، يتصرفون فيهم بالأمر والنهى والاستخدام كأنهم اللؤلؤ الرطب المكنون فى الأصداف فى الحسن والبهاء.
ونحو الآية قوله تعالى : «يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ. بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ».
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : «بلغني أنه قيل يا رسول الله هذا الخادم مثل اللؤلؤ فكيف بالمخدوم؟ فقال عليه الصلاة والسلام : والذي نفسى بيده إن فضل ما بينهم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب».
وروى «إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادى الخادم من خدامه فيجىء ألف ببابه لبّيك لبّيك».