قال ابن عباس : وفّى بسهام الإسلام كلها وهى ثلاثون سهما لم يوفّها أحد غيره ، منها عشرة فى براءة «إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ» الآيات ، وعشرة فى الأحزاب «إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ» الآيات ، وستة فى «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» الآيات ، وأربعة فى سأل سائل «وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ» الآيات.
وتخصيصه عليه السلام بهذا الوصف لاحتماله ما لم يحتمل غيره ، وفى قصة الذبح ما فيه الغناء فى ذلك.
وإنما ذكر ما جاء فى شريعتى هذين النبيين فحسب ، لأن المشركين كانوا يدّعون أنهم على شريعة أبيهم إبراهيم ، وأهل الكتاب كانوا يدعون أنهم متبعون ما فى التوراة وصحفها قريبة العهد منهم.
ثم فصل ما جاء فى هاتين الشريعتين فقال :
(١) (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أي لا تحمل نفس ذنوب نفس أخرى ، فكل نفس اكتسبت إثما بكفر أو معصية فعليها وزرها لا يحمله عنها أحد كما قال : «وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى» ،
(٢) (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) أي كما لا يحمل على الإنسان وزر غيره ، لا يحصل له من الأجر إلا ما كسب لنفسه ، ومن هذا استنبط مالك والشافعي ومن تبعهما أن القراءة لا يصح إهداء ثوابها إلى الموتى ، لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم ، وهكذا جميع العبادات البدنية كالصلاة والحج والتلاوة ، ومن ثم لم يندب إليها رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمته ولا حثهم عليها ولا أرشدهم إليها بنص ولا إيماء ، ولم ينقل عن أحد من الصحابة رضى الله عنهم ، ولو كان خيرا لسبقونا إليه ، أما الصدقة فإنها تقبل ؛ وما رواه مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة من قوله صلّى الله عليه وسلم «إذا مات ابن آدم