الإناء بما فيه من الشراب قاله الراغب ، وقد يسمى كل منهما على انفراد كأسا ، لا لغو فيها : أي فى شرابها ، فلا يتكلمون فى أثناء الشراب بلغو الحديث وسقط الكلام ، ولا تأثيم : أي ولا يفحشون فى القول كما هو ديدن الندامى فى الدنيا ، فإنهم كثير واللغو فعالون للآثام ، غلمان : أي مماليك مختصون بهم ، مكنون : أي مصون فى أصدافه لم تنله الأيدى فهو يكون أبيض صافى اللون ، والسموم : النار ، والبر : الواسع الإحسان.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر ما يتمتع به أهل الجنة من المطاعم والمشارب والأزواج كرما منه وفضلا ـ أردف ذلك ذكر ما زاده لهم من الفضل والإكرام ، وهو أن يلحق بهم ذريتهم المؤمنة فى المنازل والدرجات ، وإن لم تبلغ بهم أعمالهم ذلك ، لتقرّبهم أعينهم إذا رأوهم فى منازلهم على أحسن الأحوال ، فيرفع الناقص فى عمله إلى الكامل فيه ، ولا ينقص من عمله هو ولا منزلته.
قال ابن عباس : إن الله ليرفع ذرية المؤمن فى درجته وإن كانوا دونه فى المنزلة ، لتقرّبهم عينه ، وقرأ الآية ، ثم وصف حالهم إذ ذاك فى الطعام والشراب والفاكهة ، فأبان أنه ما من فاكهة أو طعام يطلبونه إلا وجدوه ؛ ثم أتبع هذا ببيان عظيم حبورهم وسرورهم ، فإنهم يتجاذبون الكؤوس ، ويتندّرون بأطيب الأحاديث التي لا لغو فيها ولا يأثم بها قائلها لو كان فى الدنيا ، وتخدمهم مماليك غاية فى الحسن والجمال ، ويتحدثون بما كان لهم من شؤون وأحوال فى الدنيا كما هو شأن ناعمى البال قريرى الأعين.
ثم ذكر أن من أحاديثهم أنهم كانوا فى دنياهم يخشون ربهم ويخافونه ، ومن ثمّ وقاهم عذاب النار.