فأجاب عليهالسلام : أنّ ما ذكرت كيف يكون تطهير الشمس إيّاه من دون ماء؟ وغير خفيّ على من تأمّل أدنى تأمّل أنّ سؤاله هكذا. والجواب أيضا هكذا ، كما قال المحقّقون : إنّ تطهير الشمس مثل الموضع المذكور لا يمكن إلّا بصبّ الماء المحيط للموضع حتّى تجفّفه الشمس وتطهّره.
وينادي بما ذكرنا تنكير لفظ «ماء» والإتيان به بعد نسبة التطهير إلى الشمس.
ولو كان سؤاله عن مجرّد مطهّريّة الشمس لكان يسأل هكذا : الشمس تطهّر أم لا؟ ولم يأت بقيد قوله : من غير ماء ، لأنّه مستدرك لغو حينئذ ، بل موهم خلاف المقصود ، بل دالّ عليه ، كما أشرنا.
ويحتمل أن يكون مراده : هل تطهّر الشمس مثل الموضع المذكور دائما من دون حاجة إلى غسل بماء أبدا ـ بناء على أنّ نفس الإشراق كاف للتطهير ـ أم تطهيرها ليس هكذا؟ بل ربّما يتوقّف على غسل ، لعدم تجفيف الشمس إيّاه ، أو لعدم العلم بإسناد زوال إلى تجفيف الشمس ، فأجاب عليهالسلام : كيف تطهّره الشمس دائما من دون حاجة إلى غسل أصلا؟ وأظهر منه أن يكون المراد من قوله : ماء ، أعم ممّا ذكرنا أوّلا ، وما ذكرنا ثانيا.
ويكون المراد : أنّ تطهير الشمس للمتنجّس ، هل يكون مطلقا من غير توقّف على ماء أصلا في حال من الأحوال ووجه من الوجوه ، أم ليس كذلك؟ بل ربّما يتوقّف على ماء بالنحو الذي ذكرنا أوّلا ، وغسل كما ذكرنا ثانيا ، أي أعم منهما من غير تخصيص بواحد منهما ، ولا بالمجموع من حيث المجموع ، وبسطنا الكلام في المقام في «حاشية المدارك» (١).
ويظهر من المضمرة وغيرها أنّ الطهارة المعروفة للشمس ليس بالمعنى
__________________
(١) الحاشية على مدارك الأحكام للوحيد رحمهالله : ٢ / ٢٥٨ ـ ٢٦٤.