والآخر
: أن النبي صلىاللهعليهوآله
لم يوصِ لأمير المؤمنين علي عليهالسلام
وفيه :
١ ـ إن الذين ذكروا عند عائشة أن علياً عليهالسلام وصيّ ، لابدّ أنهم من جيل الصحابة أو من
الذين أدركوهم ، وأنهم سمعوا بهذا الأمر ، فجاءوا متسائلين ، ربما للاحتجاج عليها بسبب
خروجها على أمير المؤمنين عليهالسلام
، ولم يبيّن الراوي ظروف صدور الحديث ، المهم إن التساؤل بهذا الموضوع يدلّ علىٰ
كون الوصية أمراً متداولاً منذ عصر الرسالة ، وهو جزء لا يتجزّأ من الثقافة الإسلامية
والفكر النبوي الأصيل.
٢ ـ إن الوصية المسؤول عنها في هذا الخبر
هي الخلافة ، لهذا جابهت السؤال بالرفض والانكار الشديدين ؛ لأن الجواب بالايجاب يفضي
إلى القول بخلافة أهل البيت عليهمالسلام
، والتي كانت عائشة في صدد التصدّي لها ، ولو كانت الوصية عامة ، أو في اُمور شخصية
كالأهل والديون والأولاد ـ كما يقال ـ لما أنكرتها عائشة.
ويدلّ علىٰ ذلك ما نقله ابن حجر عن
الزهري فيما رواه جماعة منهم عروة بن الزبير قال : كأنّ عائشة أشارت إلى ما أشاعته
الرافضة أن النبي صلىاللهعليهوآله
أوصى إلىٰ علي بالخلافة (٢).
٣ ـ إن هذه الدعوىٰ معارضة بالأحاديث
والأخبار الصحيحة المصرحة بالوصية لأمير المؤمنين عليهالسلام
، وقد ذكرناها في الفصلين المتقدمين ، ولو صحّ خبرها هذا فهو يعني نفي الوصية حال الوفاة
، ولا يمنع ذلك من أن تكون قبل
__________________
(١) المعارف / ابن قتيبة : ١٣٤ ـ نشر الشريف الرضي ـ قم ـ ١٤١٥ه.
(٢) فتح الباري في شرح
صحيح البخاري / ابن حجر ٨ : ١٢٢.