قال سبط ابن الجوزي : إن قول عائشة « ما
قبض إلاّ بين سحري ونحري » لا ينافي الوصية ؛ لأن في تلك الحالة لا يقدر الإنسان على
الكلام ، وإنما يكون قبيل ذلك ، فيحمل على أنه أوصى إليه في ذلك الوقت ، فلما ثقل قبض
بين سحرها ونحرها توفيقاً بين الأقوال (١).
وعلّق الإمام السندي على الحديث في حاشيته
علىٰ سنن النسائي بالقول : لا يخفىٰ أن هذا لا يمنع الوصية قبل ذلك ، ولا
يقتضي أنه مات فجأة بحيث لا تمكن منه الوصية ولا تتصور ، فكيف وقد عُلِم أنه صلىاللهعليهوآله عَلِم بقرب أجله قبل المرض ، ثمّ مرض أياماً
.. (٢).
٤ ـ وتتساءل عائشة : ( متى أوصى إليه ؟ )
فنقول لها : منذ تباشير الدعوة الإسلامية في حديث الدار حيث لم تكوني بعد نطفة في رحم
اُمّك يا عائشة ، وحتىٰ مرض موته صلىاللهعليهوآله
حيث أراد أن يكتب الوصية ، ليؤكّد عهده اللفظي بكتاب لا تضلّ الأُمّة بعده ، فمنع عمر
بن الخطاب ذلك الكتاب بزعم أن النبي صلىاللهعليهوآله
يهجر أو غلبه الوجع (٣).
وقد أكّد عمر أنه صلىاللهعليهوآله أراد أن يوصي إلىٰ علي عليهالسلام بالخلافة في حواره مع ابن عباس وفيه : قال
عمر لابن عباس : هل بقي في نفس علي شيء من أمر الخلافة ؟ فقال ابن عباس : نعم. فقال
عمر : ... ولقد أراد رسول الله في مرضه أن يصرّح
__________________
(١) تذكرة الخواص : ٤٨.
(٢) سنن النسائي ٦ :
هامش ص ٢٤١ ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت.
(٣) راجع : صحيح البخاري
٧ : ٢١٩ / ٣٠ ـ كتاب المرضىٰ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٥٧ و ١٢٥٩ ـ كتاب الوصية ، مسند
أحمد ١ : ٢٢٢ ، ٣٢٤.