قومك إلى ذلك الدين القيم الذي تشهد العقول السليمة باستقامته ، وبعده عن الضلال والهوى والاعوجاج والزيغ.
وخلاصة ما سبق ما قاله صاحب الكشاف : قد ألزمهم الحجة فى هذه الآيات وقطع معاذيرهم وعللهم ـ بأن الذي أرسل إليهم رجل معروف أمره ، وحاله مخبور سره وعلنه ، خليق بأن يجتبى مثله للرسالة من بين ظهرانيهم ، وأنه لم يعرض له حتى يدّعى بمثل هذه الدعوى العظيمة بباطل ، ولم يجعل ذلك سلّما إلى النيل من دنياهم واستعطاء أموالهم ، ولم يدعهم إلا إلى دين الإسلام الذي هو الصراط المستقيم ، مع إبراز المكنون من أدوائهم ، وهو إخلالهم بالتدبر والتأمل ، واستهتارهم بدين الآباء الضّلال من غير برهان ، وتعللهم بأنه مجنون بعد ظهور الحق ، وثبات التصديق من الله بالمعجزات والآيات النيّرة ، وكراهتهم للحق ، وإعراضهم عما فيه حظهم من الذكر اه.
ثم بين أن الذين ينكرون البعث هم فى ضلال مبين فقال :
(وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) أي وإن الذين لا يصدقون بالبعث بعد الموت ، وبقيام الساعة ومجازاة الله عباده فى الآخرة ـ عادلون عن محجة الحق ، وعن قصد السبيل ، وهو دين الله الذي ارتضاه لعباده ، ونصب الأدلة عليه.
(وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) أي إنهم بلغوا فى التمرد والعناد حدا لا يرجى معه صلاح لهم ، فلو أنهم ردوا فى الآخرة إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه ، لشدة لجاجهم وتدسيتهم لأنفسهم.
(وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) أي ولقد قتلنا سراتهم بالسيف يوم بدر ، فما خضعوا لربهم ولا انقادوا لأمره ونهيه ولا تذللوا ولا ردهم ذلك عما كانوا فيه ، بل استمروا فى غيهم وضلالهم.
ونحو الآية قوله : «فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا».
ثم أبان عاقبة أمرهم وما يكون من حالهم إذا جاءت الساعة فقال :