(٤) (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) أي وأوجد كل شىء بحسب ما اقتضته إرادته المبنية على الحكم البالغة ، وهيأه لما أراد به من الخصائص والأفعال التي تليق به ، فأعدّ الإنسان للإدراك والفهم ، والتدبر فى أمور المعاش والمعاد ، واستنباط الصناعات المختلفة ، والانتفاع بما فى ظاهر الأرض وباطنها ، وأعدّ صنوف الحيوان للقيام بأعمال مختلفة تليق بها وبإدراكها.
والخلاصة ـ إن كل شىء مما سواه مخلوق مربوب ، وهو خالق كل شىء وربه ومليكه وإلهه ، وكل شىء تحت قهره ، وتسخيره وتقديره ، ومن كان كذلك فكيف يخطر بالبال أو يدور فى الخلد كونه سبحانه والدا له أو شريكا له فى ملكه كما قال : «بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ؟» الآية.
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (٣))
الإيضاح
بعد أن وصف سبحانه نفسه بصفات العزة والجلال ، وبيّن وجه الحق فى ذلك أردفه حكاية أباطيل عبدة الأوثان الذين اتخذوا من دونه آلهة ، تعجيبا لأولى النّهى من حالهم ، وتنبيها إلى خطأ أفعالهم ، وتسفيها لأحلامهم ، فقد انحرفوا عن منهج الحق وركبوا المركب الذي لا يركبه إلا كل آفن الرأى ، مسلوب العقل.
وقد أبان سبحانه ما بها من النقص من وجوه متعددة :
(١) إنها لا تخلق شيئا ، والإله يكون قادرا على الخلق والإيجاد.
(٢) إنها مخلوقة ، والمخلوق محتاج ، والإله يجب أن يكون غنيا عن كل ما سواه.