قالوا : الملائكة بنات الله ، وكيف يكون له ذلك ، ولا مثل له ولا ندّ ، والوالد إنما يتخذ للحاجة إلى النصير والمعين ، والله غنى عن كل شىء.
(٢) (وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ) يشركه فى الألوهية ، لا قبل خلق العالم ولا حين خلقه له ولا بعد خلقه.
ثم ذكر دليلين على بطلان تعدّد الآلهة فقال :
(ا) (إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) أي لو قدّر تعدد الآلهة لا نفرد كل منهم بما خلق ، إذ لكل صانع ضرب من الصنعة يغاير صنعة سواه ، فكان يحصل التباين فى نظم الخلق والإيجاد ، ويوجد الاختلاف بين المخلوقات المتحدة الأنواع فلا ينتظم الكون ، والمشاهد أنه منتظم متسق ، وهو الغاية فى الكمال كما قال : «ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ».
(ب) (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) أي ولكان لكل منهم أن يطلب قهر الآخر وغلبته ، فيعلو بعضهم على بعض كما هو حال ملوك الدنيا ، وإذا لم تروا أثرا للتحارب والتغالب فاعلموا أنه إله واحد بيده ملكوت كل شىء وإليه ترجعون.
وبعد أن وضح الحق وصار كفلق الصبح جاء بما هو كالنتيجة لذلك فقال :
(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) أي تنزه ربنا وتقدّس عما يقوله الكافرون من أن له ولدا أو شريكا.
ثم وصف نفسه بصفات الكمال فقال :
(عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي هو العالم بما غاب عن خلقه من الأشياء فلا يرونه ولا يشاهدونه ، وبما يرونه ويبصرونه ، والمراد أن الذين قالوا بالولد والشريك مخطئون فيما قالوا ، فإنهم يقولون عن غير علم ، وأن الذي يعلم الأشياء شاهدها وغائبها ولا تخفى عليه خافية من أمرهما ـ قد نفى ذلك ، فخبره هو الحق دون خبرهم.
(فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي تقدس عما يقول الجاحدون الظالمون.