الشديد ، والبأس : الشدة ، والركض : الفرار والهرب ؛ يقال ركض الرجل الفرس برجليه إذا كدّه بساقيه ثم كثر حتى قيل ركض الفرس إذا عدا ، ومنه «ارْكُضْ بِرِجْلِكَ» والإتراف : إبطار النعمة يقال أترف فلان أي وسّع عليه فى معاشه وقلّ فيه همه ، يا ويلنا : أي يا هلاكنا ، دعواهم : أي دعوتهم التي يردّدونها ، حصيدا : أي كالزرع المحصود بالمناجل ، خامدين : أي كالنار التي خمدت وانطفأت.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر أنه سبحانه أهلك المسرفين فى كفرهم بالله ، والعاصين لأوامره ونواهيه ـ بيّن هنا طريق إهلاكهم ، وكثرة ما حدث من ذلك فى كثير من الأمم ، ثم بين أنه أنشأ بعد الهالكين قوما آخرين ، وأنهم حينما أحسّوا بأس الله فروا هاربين ، فقيل لهم على ضرب من التهكم والسخرية فلترجعوا إلى ما كنتم فيه من الترف والنعيم وإلى تلك المساكن المشيدة والفرش المنجّدة ، فلعلكم تسألون عما جرى عليكم ، ونزل بأموالكم ومنازلكم ، فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة ، ثم بعد أن يئسوا من الخلاص وأيقنوا بالعذاب قالوا هلاكا لنا إنا كنا ظالمين لأنفسنا ، مستوجبين العذاب بما قدمنا ، وما زالوا يكررون هذه الكلمة ويرددونها ، وجعلوها هجّيراهم حتى صاروا كالنبات المحصود والنار الخامدة.
الإيضاح
(وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ) أي وكثير من أهل القرى أهلكناهم بكفرهم بالله وتكذيبهم رسله ، ثم أنشأنا بعد إهلاكهم أمما أخرى سواهم.
ونحو الآية قوله : «وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ» وقوله : «فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها».