رسول الله صلى الله عليه وسلم : «والله لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك» فأنزل الله (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) وأنزل الله فى أبى طالب فقال لرسوله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ، وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ» وقد كان موت أبى طالب بمكة قبل الهجرة بنحو ثلاث سنوات ، ومن ثم استبعد بعض العلماء أن تكون نزلت فى أبى طالب ، وأجاب آخرون بأن الذي حصل قد يكون أحد أمرين :
(١) إنها نزلت عقب موته ثم ألحقت بهذه السورة المدنية لمناسبتها لأحكامها الخاصة بالبراءة من الكفار وفضيحة المنافقين.
(٢) إنها نزلت مع غيرها من براءة مبينة لحكم استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم له ، وقد كان من ذلك الحين إلى نزول الآية يستغفر لأبى طالب ، فإن التشديد على الكفار ، والبراءة منهم إنما جاء فى هذه السورة وفى الآية إيماء إلى تحريم الدعاء لمن مات على كفره بالمغفرة والرحمة ، أو بوصفه بذلك كقولهم المغفور له والمرحوم فلان ، كما يفعله بعض جهلة المسلمين من الخاصة والعامة.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود عن أبى هريرة قال : «أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله ، ثم قال : استأذنت ربى أن أستغفر لها فلم يأذن لى ، وأستأذنت أن أزور قبرها فأذن لى فزوروا القبور فإنها تذكّركم الموت».
الإيضاح
(ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) أي ما كان من شأن النبي ولا مما ينبغى أن يصدر منه من حيث هو نبىّ ، ولا من شأن المؤمنين ، ولا مما يجوز أن يقع منهم أن يدعوا الله طالبين منه المغفرة للمشركين.
(وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى) أي ولو كان لهم حق البر وصلة الرحم ، وكانت عاطفة القرابة تقتضى الحدب والإشفاق عليهم.