من تحقّق مطلوب محبوبي؟ وهذه المرتبة لا يدركها الخواصّ ، فضلا عن العوامّ.
نعم ؛ مرتبة خواص الخواص الذين لا يعبدون الله خوفا وطمعا ، بل حبّا له وكونه أهلا للعبادة ومستأهلا لها ، هذا إذا كانوا مخلين وأنفسهم المقدّسة ، وأمّا إذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار مظاهر قهر القهّار ، وشاهدوا نيرانهم التي أشدّ من نيراننا بمراتب ، وكذا الحال في الحيّات والعقارب ، وغير ذلك من آلات الانتقام القهاري التي سمعنا ما سمعنا ، فكيف الحال إذا رأينا ، وهؤلاء النفوس المقدّسة اطّلاعهم بما ذكروا أضعاف ما ذكر ، أشدّ من الرؤية بالبصر.
هذا ؛ والمخلصون على خطر عظيم ، بل كلّما ازداد القرب ازداد الخطر ، مع أنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ، بل حسنة المقرّب سيّئة المقرّب المقرّب ، وهكذا.
وأيضا كلّما ازداد القرب إلى ذي الجلال والجبروت ازداد في بصره هيبة ، واشتدّ في نظره دهشة ، فممّا ذكر ربّما عبدوا خوفا وخشية.
نرجو من لطفه العميم ، وفضله العظيم أن يرزقنا هذه المرتبة ، ويأخذ بناصيتنا إليها ، ويقهرنا عليها بعد ما يبلغنا إيّاها بمحمّد وآله صلوات الله عليهم.
وأمّا قصد الوجه ؛ فإن كان معيّنا للفعل كفريضة الصبح من نافلته ، فلا تأمّل في وجوبه ، لوجوب قصد التعيين ، وأمّا إذا لم يكن كذلك ؛ فلا بدّ من دليل عليه.
استدلّ عليه بأنّ إيقاع الفعل على وجهه واجب ، وما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب (١).
وردّ بأنّ المراد من الوجه إن كان الوجوب والندب ، فهو مصادرة ، وإن كان غيرهما ، فلا نفع فيه (٢).
ويمكن أن يوجّه بأنّ المراد أنّ العبادة توقيفيّة ، ولم يبيّن لنا تمام الماهيّة ، بنحو
__________________
(١) مدارك الأحكام : ١ / ١٨٨ ، ذخيرة المعاد : ٢٣.
(٢) مدارك الأحكام : ١ / ١٨٨ ، ذخيرة المعاد : ٢٣.