أما كان عباد كفيا لدارم |
|
يلي ولأبيات بها الحجرات |
يعني يلي ولبني هاشم.
(أَكْثَرُهُمْ) جهلاء (لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) لأنّك كنت تعتقهم جميعا ، وتطلقهم بلا فداء. (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أخبرنا ابن منجويه ، قال : حدّثنا عبد الله بن يوسف ، قال : حدّثنا أحمد بن عيسى بن السكين البلدي ، قال : حدّثني هاشم بن القاسم الحراني ، قال : حدّثني يعلى بن الأشدق ، قال : حدّثني سعد بن عبد الله ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم سئل عن قول الله سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) قال : «هم الجفاة من بني تميم ، لو لا أنّهم من أشدّ الناس قتالا للأعور الدجّال ، لدعوت الله عزوجل أن يهلكهم» [٦٧] (١).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، بعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بني المصطلق بعد الوقعة مصدّقا ، وكان بينه ، وبينهم عداوة في الجاهلية ، فلمّا سمع به القوم تلقوه تعظيما لأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فحدّثه الشيطان أنّهم يريدون قتله ، فهابهم ، فرجع من الطريق إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إنّ بني المصطلق ، قد منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي ، فغضب رسول الله ، وهمّ أن يغزوهم ، فبلغ القوم رجوعه ، فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقالوا : يا رسول الله سمعنا برسولك ، فخرجنا نتلقّاه ، ونكرمه ، ونؤدّي إليه ما قبلنا من حقّ الله ، فبدا له في الرجوع ، فخشينا أن يكون إنّما ردّه من الطريق كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا ، وإنّا نعوذ بالله من غضبه ، وغضب رسوله ، فأبهمهم (٢) رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبعث خالد بن الوليد إليهم خفية في عسكر ، وأمره أن يخفي عليهم قدومه (٣).
وقال له : «انظر ، فإن رأيت منهم ما يدلّ على إيمانهم ، فخذ منهم زكاة أموالهم ، وإن لم تر ذلك ، فاستعمل فيهم ما يستعمل في الكفّار».
ففعل ذلك خالد ووافاهم ، فسمع منهم آذان صلاتي المغرب والعشاء ، فأخذ منهم صدقاتهم ، ولم ير منهم إلّا الطاعة ، والخير ، فانصرف خالد إلى رسول الله ، وأخبره الخبر ، فأنزل الله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) يعني الوليد بن عقبة بن أبي معيط سمّاه الله فاسقا ، نظيره (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (٤) ، قال سهل بن عبد الله وابن زيد : الفاسق الكذّاب. أبو الحسين الورّاق : هو المعلن بالذنب ، وقال ابن طاهر وابن زيد : الفاسق الذي لا يستحي من الله سبحانه.
__________________
(١) الدر المنثور : ٦ / ٨٧.
(٢) في تفسير ابن كثير (٤ / ٢٢٤) : وإن النبي استغشهم وهمّ بهم فأنزل الله عذرهم.
(٣) تفسير الطبري : ٢٦ / ١٦١.
(٤) سورة السجدة : ١٨.