لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨) وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠))
(إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) يعني أعراب تميم ، حيث نادوا : يا محمّد اخرج علينا ، فإنّ مدحنا زين وذمّنا شين ، قاله قتادة.
قال ابن عبّاس : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم سرية إلى حي من بني العنبر وأمّر عليهم عيينة بن حصين الفزاري ، فلمّا علموا أنّه توجّه نحوهم ، هربوا ، وتركوا عيالهم ، فسباهم عيينة ، وقدم بهم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فجاء بعد ذلك رجالهم يفدون الذراري ، فقدموا وقت الظهيرة ، وواقفوا رسول الله في أهله قائلا ، فلمّا رأتهم الذراري جهشوا إلى آبائهم يبكون ، وكان لكلّ امرأة من نساء رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيت ، وحجرة ، فعجلوا أن يخرج إليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وجعلوا ينادون : يا محمّد اخرج إلينا حتّى أيقظوه من نومه ، فخرج إليهم ، فقالوا : يا محمّد فادنا عيالنا.
فنزل جبريل ، فقال : يا محمّد إنّ الله يأمرك أن تجعل بينك ، وبينهم رجلا ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أترضون أن يكون بيني وبينكم سمرة بن عمرو ، وهو على دينكم؟».
فقالوا : نعم. قال سمرة : أنا لا أحكم بينهم وعمّي شاهد ، وهو الأعور بن شامة فرضوا به.
فقال الأعور : أرى أن يفادي نصفهم ، ويعتق نصفهم. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «قد رضيت».
ففادى نصفهم وأعتق نصفهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من كان عليه محرر من ولد إسماعيل ، فليعتق منهم» [٦٦] (١). فأنزل الله سبحانه وتعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ) ... الآية ، وقال زيد بن أرقم : جاء ناس من الغرف إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى هذا الرجل ، فإن يكن نبيّا فنحن أسعد الناس به ، وأن يكن ملكا نعش في جناحه. فجاءوا إلى حجرة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فجعلوا ينادونه : يا محمّد ، يا محمّد ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) وهي جمع الحجر ، والحجر جمع حجرة ، فهو جمع الجمع ، وفيه لغتان : فتح (الجيم) وهي قراءة أبي جعفر ، كقول الشاعر :
__________________
(١) المعجم الكبير ١٠ / ١٨٥ ـ في المصدر الحديث هكذا : «من كان عليه محرر من ولد إسماعيل فلا يعتق من حمير أحدا» ؛ مجمع الزوائد : ١٠ / ٤٦.