فقام ، فقال : الحمد لله أحمده ، وأستعينه ، وأومن به ، وأتوكّل عليه ، وأشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، ثمّ دعا المهاجرين من بني عمّه أحسن الناس وجوها وأعظمهم أحلاما. فأجابوه ، فقالوا : الحمد لله الذي جعلنا أنصاره ، ووزراء رسوله ، وعزّا لدينه ، فنحن نقاتل الناس ، حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا الله ، فمن قالها منع منّا ماله ، ونفسه ، ومن أبى قتلناه ، وكان زعمه في الله علينا هينا ، أقول قولي وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات.
فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبابهم : قم يا فلان ، فقل أبياتا تذكر فيها فضلك ، وفضل قومك. فقام الشاب ، فقال :
نحن الكرام فلا حيّ يعادلنا (١) |
|
فينا الرؤوس وفينا يقسم الربع |
ونطعم الناس عند القحط كلّهم |
|
من السديف إذا لم يؤنس القزع |
إذا أبينا فلا يأبى لنا أحد |
|
إنا كذلك عند الفخر نرتفع |
قال : فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى حسّان بن ثابت ، فانطلق إليه الرّسول ، فقال : وما تريد منّي وكنت عنده؟ قال : جاءت بنو تميم بشاعرهم ، وخطيبهم ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثابت بن قيس ، فأجابه ، وتكلّم شاعرهم ، فأرسل إليك لتجيبه.
وذكر له قول شاعرهم. قال : فجاء حسّان ، فأمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يجيبه فقال : يا رسول الله مره ، فليسمعني ما قال ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «اسمعه ما قلت» ، فأنشده ما قال ، فقال حسّان :
إنّ الذوائب من فهر وإخوتهم |
|
قد شرّعوا سنّة للنّاس تتبّع |
يرضى بها كلّ من كانت سريرته |
|
تقوى الإله وكلّ الخير يصطنع |
ثمّ قال حسّان :
نصرنا رسول الله والدين عنوة |
|
على رغم عات من معد وحاضر |
بضرب كإيزاغ المخاض مشاشه |
|
وطعن كأفواه اللقاح الصوادر |
وسل أحدا يوم استقلت شعابه |
|
بضرب لنا مثل الليوث الجواذر |
ألسنا نخوض الموت في حومة الوغى |
|
إذا طاب ورد الموت بين العساكر |
ونضرب هام الدارعين وننتمي |
|
إلى حسب من جذم غسان قاهر |
فلو لا حياء الله قلنا تكرّما |
|
على النّاس بالخيفين هل من منافر |
فأحياؤنا من خير من وطئ الحصى |
|
وأمواتنا من خير أهل المقابر |
__________________
(١) في أسباب النزول : يفاخرنا بدلا من «يعادلنا».