وبمثل ما تقدّم أيضاً يندفع الشبهة عن عدّة من القضايا تُوهَم التناقضَ؛
كقولنا : «الجزئيّ جزئيٌّ» وهو بعينه كلّيٌّ يصدق على كثيرين.
وقولنا : «إجتماع النقيضين ممتنعٌ» وهو
بعينه ممكنٌ موجودٌ في الذهن ، وقولنا : «الشيء إمّا ثابتٌ في الذهن أو لا ثابتٌ
فيه» واللا ثابتٌ في الذهن ثابتٌ فيه ، لأنّه معقولٌ موجودٌ بوجود ذهني.
فالجزئيّ جزئيٌ بالحمل الأوّليّ ، كلّيٌ
صادقٌ على كثيرين بالحمل الشائع؛ وإجتماع النقيضين ممكنٌ بالحمل الأوّليّ ، ممتنعٌ
بالحمل الشائع؛ واللا ثابت في الذهن لا ثابتٌ فيه بالحمل الأوّليّ ، ثابتٌ فيه
بالحمل الشائع.
الفصل الخامس
في أنّه لا تكرُرَ
في الوجود
كلّ موجود في الأعيان فإنّ هويتّه
العينيّة وجودُه على ما تقدّم
ـ من أصالة الوجود ـ والهويّة العينيّة تأبى بذاته الصدق على كثيرين ، وهو التشخّص
، فالشخصيّه للوجود بذاته.
فلو فرض لموجود وجودان كانت هويّته
العينيّة الواحدة كثيرةً وهي واحدة ، هذا محالٌ .
وبمثل البيان يتبيّن إستحالة وجود
مثلًيْن من جميع الجهات ، لأنّ لازِمَ فرْض مثلًيْن إثنين التمايزُ بينهما
بالضرورة ، ولازِمَ فرْض التماثل من كلِّ جهة عدمُ التمايز بينهما ، وفي ذلك
اجتماع النقيضين ، هذا محالٌ.
وبالجملة
من الممتنع أن يوجَد موجودٌ واحدٌ بأكثر من وجود واحد ، سواءٌ كان الوجودان ـ مثلا
ـ واقعين في زمان واحد من غير تخلّل العدم بينهما أو
__________________