كالنفس في مرتبة القوى الطبيعيّة البدنيّة ، فهي تفعل أفعالها بالطبع.
الثاني : الفاعل بالقسر ، وهو الذي لا عِلْمَ له بفعله ولا فعله ملائمٌ لطبعه ، كالنفس في مرتبة القوى الطبيعيّة البدنيّة عند انحرافها لمرض ، فإنّ الأفعال عندئذ تنحرف عن مجرى الصحّة لعوامل قاسرة.
الثالث : الفاعل بالجبر ، وهو الذي له علم بفعله وليس بإرادته ، كالإنسان يُكْرَه على فعْلِ ما لا يريده.
الرابع : الفاعل بالرّضا ، وهو الذي له إرادةٌ لفعله عن علْم ، وعلْمُهُ التفصيليّ بفعله عينُ فعله ، وليس له قبل الفعل إلاّ علمٌ إجماليٌّ به بعلمه بذاته المستتبع لعلمه الإجماليّ بمعلوله ، كالإنسان يفعل الصور الخياليّة وعلمه التفصيليّ بها عينُ تلك الصور وله قبلها علْمٌ إجماليٌّ بها لعلمه بذاته الفعّالة لها ، وكفاعليّة الواجب (تعالى) للأشياء عند الإشراقيّين (١).
الخامس : الفاعل بالقصد ، وهو الذي له علْمٌ وإرادة ، وعلْمُه بفعله تفصيليٌّ قبل الفعل بداع زائد ، كالإنسان في أفعاله الإختياريّة ، وكالواجب عند جمهور المتكلّمين (٢).
السادس : الفاعل بالعناية ، وهو الذي له علْمٌ سابقٌ على الفعل ، زائدٌ على ذاته ، نفسُ الصورة العلميّة منشأٌ لصدور الفعل من غير داع زائد ، كالإنسان الواقع على جذع عال ، فإنّه بمجرّد توهّم السقوط يسقط على الأرض ، وكالواجب (تعالى) في إيجاده الأشياء عند المشّائين (٣).
__________________
(١) نُسِب إليهم في شرح المنظومة ص ١٢١ ، وشوارق الإلهام ص ٥٥٢ ، والأسفار ج ٢ ص ٢٢٤ ، والشواهد الربوبيّة ص ٥٥.
(٢) نُسِب إليهم في الأسفار ج ٢ ص ٢٢٤ ، والشواهد الربوبيّة ص ٥٥ ، وشرح المنظومة ص ١٢١. وقال المحقّق اللاهيجيّ في شوارق الإلهام ص ٥٥٢ : «فاعلم أنّ الأشبه أنّ مراد محقّقي المعتزلة من كون الإرادة عين الداعي الذي هو العلم بالأصلح انّما هو الذي ذهب إليه الفلاسفة على ما ذكرنا ، فيكون الواجب (تعالى) عندهم أيضاً فاعلا بالعناية».
(٣) راجع التعليقات للشيخ الرئيس ص ١٨ ـ ١٩ ، وشرح الإشارات ج ٣ ص ١٥١. ونُسِبَ