يتحقّق شرط الحمل الذي هو وحدةٌ مّا مع كثرة مّا ، فلم يتحقّق حملٌ؛ وإذا انقسم بأحد أنحاء القسمة بطلَتْ هويّته الواحدة وإنعدم الاتّصال الذي هو جهةُّ وحدتِهِ ، فلم يتحقّق شرط الحمل الذي هو كثرةٌ ما مع وحدِة مّا ، فلم يتحقّق حملٌ.
فقد تبيّن أنّ بين كلّ مختلفَيْن من وجه متّحدَين من وجه حملا إذا جامع الاتّحادُ الاختلافَ ، لكنّ التعارف العاميّ ـ كما أشرنا إليه (١) ـ خصّ الحمل على موردَيْن من الاتّحاد مع الاختلاف :
(أحدهما) : أن يتّحدَ الموضوع والمحمول مفهوماً مع اختلافهما بنوع من الاعتبار ، كالاختلاف بالإجمال والتفصيل في قولنا : «الإنسان حيوان ناطق» ، فإنّ الحدّ عين المحدود مفهوماً وإنّما يختلفان بالإجمال والتفصيل ، والاختلاف بالإبهام وغيره في قولنا : «الإنسان حيوان» ، فإنّ الجنس هو النوع مُبْهماً ، والإختلاف بالتحصيل وغيره في قولنا : «الإنسان ناطق» ، فإنّ الفصل هو النوع محصّلا ـ كما مرّ في مباحث الماهيّة (٢) ـ ، وكالاختلاف بفرض الشيء مسلوباً عن نفسه فيغاير نفسُهُ نفسَهُ ثمّ يحمل على نفسه لدفع توهّم المغايرة فيقال مثلا : «الإنسان إنسان».
ولمّا كان هذا الحمل ربّما يعتبر في الوجود العينيّ كان الأصوب أن يعرف بإتّحاد الموضوع والمحمول ذاتاً ، ويسمّى هذا الحمل : «حملا أوّليّاً ذاتياً» (٣).
و (ثانيهما) : أن يختلفا مفهوماً ويتّحدا وجوداً كما في قولنا : «زيدٌ إنسان» ، وقولنا : «القطن أبيض» ، وقولنا : «الضاحك متعجّب».
ويسمّى هذا الحمل : «حملا شائعاً صناعيّاً» (٤).
__________________
(١) في إبتداء الفصل ، حيث قال : «وإن اختصّ الحمل بحسب التعارف ببعض أقسام الاتّحاد».
(٢) راجع الفصل الخامس من المرحلة الخامسة.
(٣) سُمّي ذاتيّاً ، لكون المحمول فيه ذاتياً للموضوع ، وأوّليّاً ، لأنّه من الضروريّات الأوّلية التي لا يتوقّف التصديق بها على أزيد من تصوّر الموضوع والمحمول. راجع تعليقات المصنّف (رحمه الله) على بداية الحكمة ص ١٠١.
(٤) سمّي شائعاً ، لأنّه الشائع في المحاورات ، وصناعيّاً ، لأنّه المعروف والمستعمل في