فيدفعه
: أنّ البحث حقيقيٌّ ، والمتّبَعُ في
الأبحاث الحقيقيّة البرهانُ دون الألفاظ بمفاهيمها اللغوية ومعانيها العرفية.
وأمّا حديث بطلان الاستعداد بفعليّة
تحقُّق المستعدّ له المقويّ عليه ، فلا ضَيْرَ فيه ، فإنّ المادّة هي في ذاتها
قوّةُ كلِّ شيء من غير تعيُّنِ شيء منها ، وتعيُّن هذه القوّة المستتبع لتعيُّن
المقويّ عليه عَرَضٌ موضوعه المادّة ، وبفعليّة الممكن المقويّ عليه تبطل القوّة
المتعيّنة والاستعداد الخاص ، والمادّة على ما هي عليه من كونها قوّة على الصّور
الممكنة.
وبالجملة : إن كان مراد المستشكل بقوله
: «إنّ الاستعداد يبطل بفعليّة الممكن المستعدُّ له» هو مطلق الإستعداد الذي
للمادّة فممنوع ، وإن كان مراده هو الاستعداد الخاص الذي هو عرضٌ قائمٌ بالمادّة
فمسلّم ، لكن بطلانه لا يوجب بطلان المادّة.
لا
يقال
: الحجّة ـ أعني السلوك إلى إثبات المادّة بمغايرة القوّة والفعل ـ منقوضةٌ بالنفس
الإنسانيّة ، فإنّها بسيطةٌ مجرّدةٌ من المادّة ولها آثار بالقوّة كسنوح الإرادات
والتصوّرات وغير ذلك ، فهي أمرٌ بالفعل في ذاتها المجرّدة وبالقوّة من حيث
كمالاتها الثانية.
فإذا جاز كوُنها على بساطتها بالفعل
وبالقوّة معاً فليجز في الجسم أن يكون متّصفاً بالفعليّة والقوّة من غير أن يكون
مركّباً من المادّة والصورة.
فإنّه
يقال
: النفس ليست مجرّدةً تامّةً ذاتاً وفعلا ، بل هي متعلّقةٌ بالمادّة فعلا ، فلها
الفعليّة من حيث تجرّدها والقوّة من حيث تعلّقها بالمادّة.
لا
يقال
: الحجّة منقوضةٌ بالنفس الإنسانيّة من جهة اُخرى ، وهو أنّهم
__________________