البنية الداخلية للمجتمع ، فيما يرتبط بروحيات الناس ، ومشاعرهم وقناعاتهم ، وعلاقاتهم الاجتماعية ، ومجمل أوضاعهم ، فإن التركيز على عنصر الغيب ، وإظهار علم الإمامة يصبح ضرورة ملحة ، من أجل تلافي كثير من تلك السلبيات ، بالإضافة إلى ما سوف يتركه هذا الأمر من آثار إيجابية في مجال الفكر والعقيدة للمجتمع الإسلامي في الأدوار اللاحقة.
لقد طال بنا الحديث حول النموذج الأول إلى الحد الذي ربما يجعل القارئ يجد بعض الصعوبة في الربط بين حلقات الموضوع ، والتنسيق بين فقراته ، ولأجل ذلك فقد رأينا أن نختصر الكلام حول النموذج الثاني والثالث ، ونكتفي بالقول :
إن من الواضح : أن المأمون قد أجبر الإمام الرضا عليهالسلام على قبول ولاية الأمر بعده. وقد أوضحنا في كتابنا : الحياة السياسية للإمام الرضا عليهالسلام جوانب وحيثيات هذا الموضوع ، وذكرنا أيضاً نبذة عن دوافع المأمون في إقدامه على هذا الأمر الخطير.
وقد بيّنا أيضاً بعض ما يرتبط بخطة الإمام عليهالسلام لتضييع الفرصة على المأمون ، ومنها إخباراته الغيبية عليهالسلام عن عدم تمامية هذا الأمر ، ونلفت النظر إلى خصوص ما كتبه عليهالسلام على الوثيقة الرسمية لولاية العهد ولاسيما قوله : « والجامعة والجفر يدلان على ضد ذلك » (١).
__________________
(١) البحار ج ٤٩ ص ١٥٣ والمناقب لابن شهر آشوب ج ٤ ص ٣٦٥ وكشف الغمة ج ٣ ص ١٢٧ ونور الأبصار ص ١٥٧ ومآثر الأنافة ج ٢ ص ١٨٩ و الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص ٢٤٥ ومعادن الحكمة ج ٢ ص ١٨٩ ومسند الإمام الرضا ج ١ ص ١٠٦ والمجالس السنية ج ٥ ص ٥٨٥.