وكل
ذلك يوضح : أنه عليهالسلام لم يعد بإمكانه تحريك الساحة بنفس
الفاعلية وبنفس الحماس ، إذ إن مراكز الثقل قد تلاشت ، والكوادر الفاعلة التي كان
لها تأثير كبير في توجيه الفكر ، وبلورة الرؤية السياسية لدى الجماهير قد فقدت ،
فليس لعلي عليهالسلام بعد اليوم ،
لا عمار ، ولا أبو الهيثم بن التيهان ، ولا الأشتر ، ولا ، ولا ...
أما من تبقى معه من المخلصين ، فقد كان
عليهم أن يمسكوا بالمفاصل الحساسة للدولة التي تتناوشها ذؤبان معاوية ، ويعبث فيها
الأخطبوط الأموي ، وغيره من فلول الحاقدين فساداً وإفساداً.
التوضيح والربط :
على ضوء ما تقدم وبعد أن عرفنا الحالة
التي كان يعاني منها المجتمع فإن من الطبيعي أن تهيمن حالة من التردد والشك والريب
على مواقف الناس ، وعلى مواجهتهم لظاهرة الخوارج ، وشعاراتهم ، فكان لابد من
اللجوء إلى أسلوب الصدمة ، لإحداث اليقظة الضميرية والوجدانية لدى عامة الناس ،
اعتماداً على المنطلقات العامة فيما يرتبط بالإيمان بالغيب.
وقد ظهرت هذه الصدمة والهزة الضميرية عل
شكل إخبارات غيبية ، يشاهد الناس تحقق مضمونها بأم أعينهم. من أجل إعطاء الشحنة
المحركة ، وتسجيل الموقف الحاسم ، لكي يمكن بعد ذلك ملاحقة ومتابعة العلم التربوي
، والتثقيف والتوعية ، ليكون ذلك ضمانة لبقاء القناعات ، وتجذيرها في عقل وفكر ،
ووجدان الإنسان بصورة كافية ...
وتمثل هذه الهزة أو فقل الصدمة الضميرية
الأسلوب الأمثل لإظهار علم الإمامة ، الذي استقاه عليهالسلام
من مهبط الوحي ، ومعدن الرسالة محمد صلىاللهعليهوآله
ولم يشاركه فيه أحد.