( وتثبيتاً من أنفسهم ... ) (١) فيها من الدلالة الإيحائية ، الانتقال بمشاعر الإنسان في الغبطة والسرور إلى عالم روحي محض يحمل بين برديه جميع مقومات الرضا من الله ، والعناية بالنفس المطمئنة ، التي لا تأمل إلا التثبيت والاستقامة.
ثانياً : والكلمة « ربوة » في قوله تعالى :
( كمثل جنة بربوة أصابها وابل ... ) (٢)
تحمل صورة فريدة في تخيل الجنان تتساقط عليها الأمطار فتمسح سطحها ، وهي سامقة شامخة فتزيل القذى عن أشجارها ، وتثبت جذورها ، وتمنحها القوة والحياة والاستمرار ، وهي على نشز من الأرض تباكرها هذه الهبات ، وما يوحي ذلك من مناخ نفسي يسكن إليه الضمير.
ثالثاً : والكلمة « بصير » في قوله تعالى :
( والله بما تعملون بصير (٢٦٥) ) (٣) توحي هنا بدقة الملاحظة وشدة الرقابة والإحاطة الشاملة بجزئيات الأمور كلياتها ، وحيثيات الإنسان وتصرفاته ، فعمله منظور لا يغفل عنه ، ووجوده في رصد لا يترك ، وأعماله في سبر وإحصاء. وهذا الإيحاء نفسه يوحي بإيحاء آخر هو :
إن الله بصير لا بالعين الناظرة ، لأن العين لها ما شاهدت والله يرصد ما يشاهد ما يخفى وما تجن الصدور.
إن هذه الإيحائية تحتمها دلالة اللفظ.
رابعاً : واختيار كلمة « تراب » بدلاً من « طين » في قوله تعالى :
( إن مثل عيسى عند الله كمثل ءادم خلقه من تراب ... (٥٩) ) (٤) ذو طبيعة إيحائية تضفي على اللفظ أكثر من المعنى الظاهر الذي يتبادر له الذهن ، فقد أريد بها هنا أن الإنسان خلق من أدنى القسيمين الطين
____________
(١) (٢) (٣) البقرة : ٢٦٥.
(٤) آل عمران : ٥٩.