موضوعة للدلالة على
قرب الوجود بمحال أن يكون نفيها موجباً وجود الفعل » .
ثامناً
: وفي كل كلمتي « ذهب » و « بنورهم » من
قوله تعالى :
( مثلهم كمثل الذي
استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم )
دلالة مركزية في انسحاب أثر نفي العام على نفي الخاص ، ولم يستعمل المثل : « الضوء
» بدل « النور » ولا « اذهب » « ذهب » إلا مراعاة لذلك بما أشار إليه الزركشي ( ت
٧٩٤ هـ ) بقوله : ولم يقل : « بضوئهم » بعد قوله ( اضاءت )
لأن النور أهم من الضوء ، إذ يقال على القليل والكثير ، وإنما يقال الضوء على
الكثير ، ولذلك قال تعالى :
( هو الذي جعل الشمس
ضياء والقمر نورا )
ففي الضوء
دلالة على الزيادة ، فهو أخص من النور ، وعدمه لا يوجب عدم الضوء ، لاستلزم عدم
العام عدم الخاص ، فهو أبلغ من الأول ، والغرض إزالة النور عنهم أصلاً ، ألا ترى
ذكره بعده ( تركهم في ظلمات ) وهنا دقيقة ، وهي أنه قال : ( ذهب الله
بنورهم )
ولم يقل « أذهب نورهم » لأن الإذهاب بالشيء إشعار له يمنع عودته ، بخلاف الذهاب ،
إذ يفهم من الكثير استصحابه في الذهاب ، ومقتضى من الرجوع » .
تاسعاً
: والكلمة « عبدا » بتقييدها « مملوكاً »
في ( ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً ... )
قد يتبادر لأول وهلة في الذهن أن العبد دون تقييد فيه دلالة على عدم الحرية فلماذا
هذا التقييد إذن ، ولكن الفهم الدقيق يقتضي التقييد ، لأن الحر والعبد سواء أمام
الله تعالى ، فهما عبدان له ، اتصفا بالحرية أو العبودية ، فاراد الاحتراز من هذه
الناحية بأنه عبد مملوك وليس بحر مقيد.