ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها من نور ... (٤٠) ) (١) ، أي لم يرها ولم يكد (٢).
وأيد ذلك السيد المرتضى ( ت ٤٣٦ هـ ) وازاد من تفصيل الدلالة الاجتماعية فيه ، وعرض لجملة من الآراء في التأكيد على نوعية الظلمات وتدافعها بما استخرجه من « لم يكد يراها » قال المرتضى :
« أي لم يرها أصلاً. لأنه عز وجل قال :
أو كظلمات في بحر لحي يغضه موج من فوقه موج من فوقه سحابج ظلمات بعضها فوق بعض (٤٠) ) (٣) كان بعض هذه الظلمات يحول بين العين وبين النظر إلى اليد وسائر المناظر فـ ( يكد ) على هذا التأويل زيدت للتوكيد ، والمعنى إذا أخرج يده لم يرها ».
وقال قوم : معنى الآية : إذا أخرج يده رآها بعد إبطاء وعسر لتكاثف الظلمة ، وترادف الموانع من الرؤية.
وقال آخرون : معنى الآية إذا أخرج يده لم يرد أن يراها ، لأن الذي شاهد من تكاثف الظلمات بأسه من تأمل يده ، وقرر في نفسه أنه لا يدركها ببصره (٤).
وأياً كان التفسير فدلالة الكلمة المركزية ظاهرة لدى التحقيق ، إلا أن هناك شبهة في هذا الفهم المتقابل للكلمة مصدره العرف العام ، وقد أوضح سبب هذه الشبهة ابن الزملكاني ( ت ٦٥١ هـ ) بقوله : « وما سبب هذا الشبهة إلا أنه قد جرى في العرف أن يقال :
« ما كاد يفعل » و « لم يكد يفعل » في فعل قد فعل على معنى أنه لم يفعل إلا بعد جهد. فمن هنا وهم ابن شبرمة في زعمه أن الهوى قد برح ، وظن ذو الرمة مثل ذلك ، وإنما هو في الحقيقة على نفي المقاربة فإن « كاد »
__________________
(١) النور : ٤٠.
(٢) المرزباني ، الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء : ٢٨٣.
(٣) النور : ٤٠.
(٤) المرتضى ، أمالي المرتضى : ١/٣٣١.