ولو سُلّم عدم ظهوره في ذلك ، فاستباحةُ الزائد على الدينار محتاجةٌ إلى دليل ، وهو مفقود عندهم.
ولو سُلّم جوازه بمقتضى القاعدة ، فقوله : «ففي الزيادة مساغٌ للإمام» ، ظاهر في أنّ للإمام الحكمَ بما يشاء ، ولا يتقيّد بكتاب وسنة ، كما جرت به سيرة عمر ، وقضى به اعتذارهم عنه بالاجتهاد الذي يريدون به هذا المعنى في كثير من الموارد ، وهو التشريعُ المحرّمُ والنبوّةُ الجديدة!
ولو سُلّم عدم التشريع منه في ذلك ، فهناك مطاعنُ أُخرُ غيرُه كثيرةٌ ..
منها : إنّه أبدع وضع العشور ..
روى في «الكنز» (١) ، عن أبي عبيد ، وابن سعد ، عن أنس ، قال : بعثني عمر وكتب لي أن آخذ من أموال المسلمين ربعَ العُشر ، ومن أموال أهل الذمّة إذا اختلفوا بها للتجارة نصف العُشر ، ومن أموال أهل الحرب العُشر».
وروى ـ أيضاً ـ عن الشافعي ، وأبي عبيد ، والبيهقي ، عن ابن عمر : «أنّ عمر كان يأخذ من النبَط (٢) نصف العُشر ، يريد بذلك أن يكثر الحمل
__________________
(١) في كتاب الجهاد ٣٠٤ ج ٢ [٤ / ٥١٣ ح ١١٥١٥]. منه (قدس سره).
وانظر : الأموال ـ لأبي عبيد ـ : ٦٤٠ ح ١٦٥٧ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٧ / ١٥٥ رقم ٣٠٨٠.
(٢) النّبَط : قوم من العجم ، كانوا سكّان العراق وأربابها ، وكانوا ينزلون البطائح بين العراقَين ، وسُمّوا أنباطاً ؛ لاستنباطهم ما يخرج من الأرضين ، وقيل : لمعرفتهم بأنباط الماء ؛ أي استخراحه ؛ لكثرة فلاحتهم.
انظر : الأنساب ـ للسمعاني ـ ٥ / ٤٥٤ مادّة «النبطي» ، وانظر مادّة «نبط» في : لسان العرب ١٤ / ٢٢ ، تاج العروس ١٠ / ٤٢٥ ، مجمع البحرين ٤ / ٢٧٥.