وهذا هو مراد المصنّف في تخطئة القاضي.
ولا تتوقف تخطئتُه على ارتكاب عمر للحرام وأخذ شيء من المهور ووضعه في بيت المال ، كما تخيّل الخصم أنّه مراد المصنّف (رحمه الله).
وأيضاً : لو كان عمر مريداً للاستحباب أوّلا والتواضع أخيراً ، لكان بتواضعه بإظهار خطأ نفسه مُظهراً للقبيح ؛ وهو إرادة التحريم والتهديد على مخالفته ، ومصوِّباً لخطأ المرأة في حملها له على التحريم ؛ وهذا ليس من أفعال العقلاء!
وأمّا قوله : «كان عمر رجّاعاً إلى أحكام الله ، وقّافاً عند كتاب الله» ..
فمحلُّ نظر ؛ بشهادة مخالفته للكتاب في أمر الخمس (١) ، والزكاة (٢) ، والمتعتين (٣) ، وغيرها (٤) ، وعدم رجوعه إلى حكمه.
__________________
(١) انظر : مسند أحمد ١ / ٣٢٠ ، مسند الشافعي ـ المطبوع مع كتاب «الأُمّ» ـ ٩ / ٤٩٥ كتاب قسم الفيء ، الأموال : ٢٢ ح ٤٠ وص ٤١٨ ـ ٤١٩ ح ٨٥٢ ـ ٨٥٤ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٦ / ٣٤٤ ـ ٣٤٥ ، شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢١٠.
وراجع الصفحة ٨٣ وما بعدها ، والصفحة ١٢٧ وما بعدها ؛ من هذا الجزء.
هذا ، وقد رووا ـ كما في بعض المصادر المذكورة آنفاً ـ أنّ نجدة الحروري ـ حين خرج من فتنة ابن الزبير ـ أرسل إلى ابن عبّاس يسأله عن سهم ذي القربى : لمن تراه؟ فقال : هو لنا ، لقربى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قسمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم ، وقد كان عمر عرض علينا شيئاً رأيناه دون حقّنا ، فرددناه عليه ، وأبَينا أن نقبله.
(٢) انظر : الموطّأ : ٢٦٣ ح ٣٩ ، الأوائل ـ للعسكري ـ : ١٢٢ ، مسند أحمد ١ / ١٤ ، المستدرك على الصحيحين ١ / ٥٥٧ ح ١٤٥٦ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٤ / ١١٨ ـ ١١٩ ، مجمع الزوائد ٣ / ٦٩ ، تاريخ الخلفاء : ١٦٠.
(٣) سيأتي تفصيل ذلك في الصفحتين ٢٨٢ و ٣١٦ وما بعدهما ، من هذا الجزء.
(٤) مما مرّ وسيأتي من الشواهد على ذلك.
وعلاوة على ما ذكره الشيخ المظفّر (قدس سره) ، نضيف مثالين آخرين على مخالفته