به النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ويعزم ، كما في المورد ، فإنّه ليس لأحد فيه الخيَرة ، كما صرّحت به الآية السابقة (١).
وأما قوله : «ومن علم أحوال عمر مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وطول صحبته لم يتعجّب من هذا» ..
فصحيحٌ ؛ لِما نعهده من سوء أدبه مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ومخالفته له في كثير من المقامات التي يقضي فيها ، وتدخّله في ما ليس له ، كما في الصلاة على ابن أُبَيّ ، والصلح يوم الحديبية ، وغيرهما (٢) ، فيُعرض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عنه ، أو يجيبه بما يقتضيه حُسن خُلُقه وعظيم تأليفه ، وإلاّ فالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلى شأناً ، وأرفع مكاناً ، وأظهر عصمة ، وأكبر تأييداً من أن يحتاج إلى الآراء الناقصة ، ويتّبع من لا طريق له إلاّ الظنّ ، والظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً.
ثمّ إنّ بعض الرواة قد تصرّف في الحديث فصوّره بصورة الاستفهام ؛ تقليلا للاستهجان ، فروى أنّهم قالوا : «ما شأنُه؟! أَهَجَر؟! استفهموه!» كما رواه البخاري (٣) ، ومسلم (٤) (٥).
وفي لفظ آخر : «ما باله (٦)؟! أَهَجر؟! استفهموه!» كما رواه
__________________
(١) راجع الصفحة ١٨٥ ، من هذا الجزء.
(٢) راجع : ج ٥ / ٢١٣ هـ ٥ ، من هذا الكتاب.
(٣) في باب مرض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في أواخر كتاب المغازي [٦ / ٢٩ ح ٤٢٢]. منه (قدس سره).
(٤) في آخر كتاب الوصيّة [٥ / ٧٥]. منه (قدس سره).
(٥) وانظر : مسند أحمد ١ / ٢٢٢ ، مصنّف عبد الرزّاق ٦ / ٥٧ ح ٩٩٩٢ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٢ / ١٨٧ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٢٨ ، البدء والتاريخ ٢ / ١٣٦ ، الاكتفاء ـ للكلاعي ـ ٢ / ٤٢٦ ـ ٤٢٧ ، سبل الهدى والرشاد ١٢ / ٢٤٧.
(٦) في المصدر : «ما له».