وغيره (١) ، فلا يجوز أن يرثوا النبوّة حتّى يخافهم من ورائه ، ويدعوَ أن يهب الله له وارثاً غيرَهم.
ولو فُرض إمكان نبوّتهم ، فلا وجه لخوفه من إرثهم للنبوّة إلاّ البخل بنعمة الله على الغير ، وهو كما ترى ، بل ينبغي سروره بذلك لخروجهم من الضلال إلى الهدى.
ودعوى أنّه ما خاف أن يرثوا النبوّة ، بل خاف أن يُضيّعوا الدين ويغيّروه ، فدعا ربّه أن يهب له ولداً حافظاً للدين ، مانعاً لهم عن الفساد ، ممنوعة ؛ لبعدها عن سوق الآيات وخصوصيّات الكلام ، التي منها أنّه طلب وليّاً ، وهو لا خصوصيّة له في تحصيل هذا الغرض ، وطلب أن يكون رضيّاً من دون قيد التمكّن من دفعهم عن الفساد.
الثالث : إنّه لو كان المراد : ولداً وارثاً للنبوّة ، لكان دعاؤه أن يجعله رضيا ، فضولا ؛ إذ لا تكون النبوّة إلاّ لرضيّ ، والحال أنّ ظاهره التقييد.
كما يشهد له ما حكاه السيوطي في «الدرّ المنثور» ، عن ابن أبي حاتم ، أنّه أخرج عن محمّد بن كعب ، قال : «قال داود : يا ربّ! هبْ لي ابناً ؛ فوُلد له ابنٌ خرج عليه ، فبعث له داودُ جيشاً ..
إلى أن قال : ربّ إنّي سألت أن تهب لي ابناً ، فخرج علَيَّ؟!
قال : إنّك لم تستثنِ!
قال محمّد بن كعب : لم يقل كما قال زكريا : (واجعله ربّ
__________________
(١) تفسير الماوردي ٣ / ٣٥٥ ، تفسير البيضاوي ٢ / ٢٧ ، روح المعاني ١٦ / ٨٨ ، مجمع البيان ٦ / ٣٧٥.