فِي النَّارِ) (١) فيرجع الكلام إلى مسألة القضاء والقدر المنهيّ عن الكلام فيها ، وينافي بظاهره اعترافهم بالذنب ، فإنّهم يستندون في الصادر عنهم إلى علم الله ، ويزعمون أنّه علّة وسبب له ؛ كما يومي إليه قوله : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا) ... (٢).
قال المحقّق النراقيّ رحمه الله في «مشكلات العلوم» : فالفقرة الأولى لفظة «لو» فيها على أصلها ؛ أي انتفاء الجزاء بانتفاء الشرط ، وأمّا الثانية فالظاهر أنّها من قبيل لو لم يخف الله لم يعصه ، فيجب أن يوجّه بما وجّه به ... إلى آخر ما ذكره ، وهو طويل. فتأمّل ولا تغفل.
وكيف كان ، فلهم في تفسير الآية وجوه :
منها : ما ذكره صاحب الحقائق من أنّ المعنى : لو سمعنا الخطاب الأزليّ شفاها في مشاهداته ، وعلمنا حقيقته ، ما كنّا من أصحاب البعد والحجاب.
ومنها : ما حكاه عن بعضهم من أنّ المعنى : لو سمعنا موعظة الواعظين ، وعقلنا نصيحة الناصحين لاتّبعناهم فيما أمروا به ، ولما كنّا إذا في أصحاب السعير.
ومنها : ما حكي عن الزجّاج من أنّ المعنى : لو كنّا نستمع سمع من يعي ويفكّر ، و [نعقل] عقل من يميّز وينظر ، ما كنّا من أهل النار (٣).
ومنها : ما يستفاد من التفسير الصادقيّ عليه السلام أنّ المراد : لو كنّا نطيع
__________________
(١) الزمر : ١٩.
(٢) الأنفال : ٢٣.
(٣) مجمع البيان ١٠ : ٤١٠.