العقاب ما فيه من الزجر المتقدّم للمكلّف ، ولا يمكن أن يكون مزجورا إلّا
به ، ولولاه لكان مغريا بالقبيح . انتهى.
ولا يخفى أنّ
الله كما هو خالق الخير خالق للشرّ أيضا ، وخلق الشرّ لمصلحة وحكمة ليس بقبيح ،
وكون الشرّ من حيث هو شرّ لا ينافي حسنه من جهة أخرى ؛ كالزجر ، ومكافاة المسيء
والظالم ، فالذمّ في قوله : (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) راجع إلى نفس جهنّم الّتي هي مرجع الكافر ومآله لا إلى
فاعل العقاب.
وقوله تعالى : (إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها
شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ * تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) بيان لشدّة العذاب والتهاب النار عليهم.
و «الإلقاء»
الطرح ، يقال : ألقيت الحطب على النار : إذا طرحته ورميته فيها ، ومنه قوله : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى
التَّهْلُكَةِ) ؛ أي تطرحوها.
(سَمِعُوا لَها) ؛ أي لجهنّم ونارها المسعرة فيها تشبيها لحسيسها المنكر
الفظيع بالشهيق وهو صوت تقطيع النّفس ، أو صوت في الصدر ، كما أنّ الزفير صوت في
الحلق.
وقد يقال : إنّ
المراد شهيق أهل النار لقوله : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ
وَشَهِيقٌ) .
و (تَفُورُ) من الفور ، وهو ارتفاع الشيء بالغليان ؛ أي تغلي بهم
غليان المرجل بما فيه.
__________________