به ؛ كما هو الحقّ المحقّق عند أهل الحقّ ، لظاهر الآيات والأخبار المتواترات ، خلافا لمن حمل الخلود على المكث الطويل ، لرواية موضوعة : سيأتي زمان على جهنّم ينبت في قعرها الجرجير (١). (٢)
وقد يقال : إنّ الآية الأولى مخصوصة بالشياطين المسترقين ، وهذه الآية بسائر الكفّار. ويؤيّده قراءة «عذاب جهنّم» بالنصب على كونه معطوفا على «عذاب السعير» ؛ أي وأعتدنا للّذين كفروا عذاب جهنّم ، فيكون المراد بـ «السعير» طبقة خاصّة من طبقات جهنّم ، فإنّ لكلّ طبقة منها اسما خاصّا وعذابا مخصوصا ؛ كما يستفاد من بعض الروايات والمخصوص بالذّم محذوف وهو «هو» إن رجع إلى المضاف أو «هي» إن رجع إلى المضاف إليه ، وكذا إن رجع إلى المضاف بناء على الإكساب ؛ كما في قوله :
كما شرقت صدر القناة من الدم (٣)
والأولى تقدير الاسم الظاهر من المضاف أو المضاف إليه ، فلا حاجة إلى تجشّم ما ذكرناه. فتأمّل.
قال شيخنا الطبرسي رحمه الله : وإنّما وصف بـ «بئس» وهو من صفات الذمّ والعقاب حسن ، لما في ذلك من الضرر الّذي يجب على كلّ عاقل أن يتّقيه بغاية الجهد ، ولا يجوز قياسا على ذلك أن يوصف به فاعل العقاب ، لأنّه لا يقال «بئس الرجل» إلّا على وجه الذمّ ، ووجه الحكمة في [فعل]
__________________
(١) الجرجر والجرجير : بقلة معروفة.
(٢) إشارة إلى أحاديث منها ما في البحار ٦٦ : ٢٣٦ ؛ وفي مقابلها ما في البحار ٨ : ٣٠٦ و ٦٦ : ٢٣٧.
(٣) جامع الشواهد ٣ : ١٣٣. والبيت من قصيدة للأعشى ، وصدره : وتشرق بالقول الّذي قد أذعته.