الشعر ، فقال : لا بدّ أن تنشدني شيئا ، فأنشده هذه الأبيات ، فأشفق كلّ من حضر على عليّ بن محمّد عليه السلام فبكى المتوكّل بكاء طويلا حتّى بلّت دموعه لحيته ، وبكى من حضره ، وأمر برفع الشراب ، ثمّ قال : يا أبا الحسن ، أعليك دين؟ قال : نعم ؛ أربعة آلاف دينار ، فأمر بدفعها إليه وردّوه إلى منزله مكرّما (١).
وحكى قريبا من ذلك القزوينيّ في «حياة الحيوان»والسيّد هاشم في«مدينة المعاجز».
قوله : ثمّ يردّون (إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي يرجعون إلى الله الّذي يعلم ما هو غيب عندكم ، وما هو مشهود لديكم ، وإلّا فالغيب والشهادة عنده سواء.
قوله : (ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ) إلخ ؛ أي يخبركم بعواقب أعمالكم ، ومساوئ أفعالكم ، فويل لمن نسي ذلك اليوم فلم يتدارك ذنوبه بالتوبة ، ولم يحاسب نفسه من قبل أن تحاسب.
قال المسيح عليه السلام : يا علماء السوء ، لا تحدّثوا أنفسكم أنّ آجالكم يستأخر من أجل ، أنّ الموت لم ينزل بكم ، فكأنّه قد حلّ بكم فأطعنكم ، فمن الآن فاجعلوا الدعوة في آذانكم ، ومن الآن فنوحوا على أنفسكم ، ومن الآن فابكوا على خطاياكم ، ومن الآن فتجهّزوا وخذوا أهبتكم وبادروا التوبة إلى ربّكم ، بحقّ أقول لكم ؛ إنّه كما لا ينظر المريض إلى طيب الطعام فلا يلتذّه مع ما يجده من شدّة الوجع ، كذلك صاحب الدنيا لا يلتذّ بالعبادة ولا
__________________
(١) انظر : بحار الأنوار ٥٠ : ٢١١.